رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

من المؤكد مليون مرة.. ليس لدى شخصياً، وأعتقد لدى كل المصريين أية اعتراضات أن تكون الملكة كليوباترا سوداء، وأرفض القول بأننا ليسنا أفارقة.. نحن أفارقة ولدينا كل الألوان القمحى والأبيض والأسود.. وهذه بديهية حتمية جغرافية طالما نحن فى قارة أفريقيا ولا نحتاج إلى دليل أكثر من ذلك.. ولكن الاعتراض كان بسبب التاريخ وليس بسبب اللون.. فهناك فرق بين التزوير والعنصرية!

والرفض المصرى حول فيلم كليوباترا ليس لأنها سوداء، ولكنه رفض لمحاولات تزوير التاريخ الرسمى للحضارة المصرية ومحاولة آخرين سرقتها.. وسيستمر الرفض إذا حاولوا صناعة فيلم عن نفرتيتى أو حتشبسوت باللون الأسيوى الأصفر.. ولن يكون أول رفض ولا آخره.. وكذلك لن تكون أول محاولة للسرقة، ومن أشهر هذه السرقات محاولة سرقة اليهود للحضارة الفرعونية وبشكل رسمى أمام العالم وليست اشاعات أو أقوال، عندما ادعى رئيس الوزراء الإسرائيلى مناحم بيجين أمام الرئيس السادات عند الاهرامات أن اليهود هم الذين بنوا الاهرامات وكانت أشبه بمحاولة «نشل» علني.. وإن كانوا كذلك فلماذا لم يبنوا غيرها عندما خرجوا من مصر محملين بالذهب والفضة، وظلوا رعاة ولم يتركوا حجراً واحداً فى الأرض التى عاشوا عليها خارج مصر  فهل يدل على إنهم بناة حضارة؟!

حتى أن بعض المزورين قالوا إن فريقاً من الجن هبط من السماء وقام ببناء هذه الحضارة وعاد إلى السماء.. ولا أعرف لماذا الجن يعود إلى السماء ولم يسكن حضارة عظيمة بناها؟.. والحقيقة أن هؤلاء المحتالين كان همهم استكثار هذه الحضارة على المصريين.. ولا فيه جن ولا عفاريت من أصله!

الآن الأفارقة الأمريكيون، وليسوا كلهم بالطبع، فهناك ساسة ومثقفون أكثر وعياً من هذه « الشلة» وتحديداً من الفنانين الذين مازالوا يشعرون بداخلهم أنهم أقل من بقية الأمريكيين رغم الشهرة والثراء والنساء الذين يعيشون فيها، وذلك بسبب لون بشرتهم وإحساسهم بالاضطهاد والعنصرية ويريدون التأكيد أنهم ليسوا عبيداً ومنهم المنتجة الرئيسية لفيلم كليوبترا «جادا بينكيت سميث» زوجة الممثل الأمريكى الأسود «ويل سميث» والممثل الهزلى «كيفن هارت».. وغيرهم، الذين يروجون نفس الروايات المضحكة حول أن الحضارة المصرية القديمة بناها ملوك من غابات أفريقيا، وشاركوا فى بناء أهرامات الجيزة!

حتى أن هارت هذا قد ذكر فى تصريحات سابقة عن مصر: «يجب أن نعلّم أولادنا التاريخ الحقيقى للأفارقة السود البشرة عندما كانوا ملوكًا فى مصر، وليس فقط حقبة العبودية، التى يتم ترسيخها فى المنهج التعليمى الأمريكي»..!

وهؤلاء يكررون أفكاراً قديمة لحركة عنصرية اسمها « المركزية الأفريقية» والتى تدعى أن الحضارة المصرية القديمة من صنع الأفارقة الذين كانوا ملوكاً على مصر، وأن المصريين ليسوا سوى أحفاد الإغريق واليونانيين الذين استولوا على مصر وطردوا شعبها الافريقى إلى عمق أفريقيا.. وهذه « المركزية الأفريقية» كانت قد ظهرت فى القرن التاسع عشر كرد فعل لظهور حركة فكرية عنصرية أخرى فى بداية عصر النهضة بأوروبا اسمها «المركزية الأوروبية» حيث قال المفكرون الأوروبيون فى هذا العصر إن الحضارة الإغريقية واليونانية هى أم الحضارات وأصل التقدم والعلوم فى العالم، وأنكروا أى دور للحضارة المصرية وحضارات الشرق القديم، وقالوا انهم مجرد شعوب بدائية واندثرت!

وبعيداً عن الدخول فى مهاترات من نوع كليوباترا سوداء أم بيضاء واتهامات بالعنصرية للمصريين.. فهذا ليس الخلاف الحقيقى ولكن الخلاف مع الذين يحاولون اختطاف كليوباترا من الحضارة المصرية إلى الغابات والكهوف.. وهناك سؤال بسيط: إذا كان اليهود أو الأفارقة أو حتى الكائنات الفضائية هم الذين بنوا الحضارة المصرية وليسوا المصريين.. فلماذا هؤلاء إن كانوا صادقين لم يبنوا مرة أخرى حضارة فرعونية فى الفضاء والصحارى والغابات الذين عادوا إليها؟!

[email protected]