رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

رغم حالة الصمت والسكون بشأن أزمة سد النهضة، والتى يبدو أن الموقف بشأنها وصل إلى طريق شبه مسدود، فإن تصريحات وزير الخارجية سامح شكرى مساء أمس الأول الثلاثاء كسرت هذا الصمت وأعادت الأمر لمائدة النقاش مرة أخرى.

تصريحات الوزير التى جاءت خلال لقاء برنامج «يحدث فى مصر»، الذى يقدمه الإعلامى شريف عامر عبر فضائية «إم بى سى مصر»، تؤكد أن القضية لم تدخل دائرة النسيان بالنسبة للجانب المصرى، وأن صمته ربما يأتى على خلفية محاولات خارج المشهد لكى يحلحل التعنت الإثيوبى. ورغم النبرة التفاؤلية التى بدت عليها، إلا أنها فى التحليل الأخير لا تبشر بحل قريب للأزمة خاصة فى ضوء الأوضاع فى السودان التى وصلت إلى حد يمكن وصفه بالحرب الأهلية وهو ما يفقد الجانب المصرى التأييد الذى كان يلقاه بشأن الموقف من هذه القضية. صحيح أن الموقف السودانى كانت له رؤيته الخاصة بالأزمة والتى ربما تميل فى بعض الأوقات إلى الجانب الإثيوبى، إلا أنه كان فى النهاية بمثابة مرجح للموقف المصرى خاصة فى ضوء بعض المخاوف التى تنتاب الخرطوم من إنشاء السد.

وفى ضوء المؤشرات على طول الأزمة السودانية وتبعاتها على الأوضاع هناك فإنه ربما يمكن توقع أن تكون مصر قد فقدت ورقة ضغط فى إدارة مفاوضات قضية سد النهضة مع إثيوبيا.

وعلى ذلك ربما يرى البعض فى تصريحات شكرى ما يبدد أى مخاوف خاصة فى ضوء ما تكشف عنه من طرحها على جدول أعمال القمة العربية فى الرياض التى تنطلق أعمالها بعد غدٍ، حيث إن البند (قضية السد) موجود - كما يقول شكرى - على جدول الأعمال للانتهاء من القضية بشكل عاجل؛ بما يحقق المصلحة المصرية وهو ما يعززه تأكيد الوزير على أن القمة من المقرر أن تشهد تأكيدًا من القادة العرب على عناصر الحفاظ على الأمن المائى لمصر والسودان واعتباره جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومى العربى بصفة عامة.

لكن فى النهاية يجب ألا نغفل أن موقف بعض الدول العربية ذاته ملتبس بشأن الأزمة، وغير واضح دون أن يعنى ذلك بأى حال التسليم بهذا التصور، فالقمة محفل إقليمى مهم وأى موقف تعبر عنه بشأن القضية سيكون ضرورياً حتى لو كان رمزياً.

ولعله ما يضفى أهمية على ما طرحه الوزير أن تصريحاته تعبر عن قدر من الرؤية الواقعية على كل المستويات رغم الطابع الدبلوماسى الذى يغلفها، وهو ما يبدو فى تأكيده على أن بعض الدول الإفريقية لا تهتم بملف سد النهضة بنفس القدر؛ لاعتبارات البُعد عن المشهد وعدم التركيز حوله.

لسنا من المتشائمين ولا ينبغى أن نكون من المتفائلين دون وجود مقومات ذلك التفاؤل، غير أن أى متابع لتطورات قضية سد النهضة منذ بدايات تفجرها يدرك أن كل يوم يمر يلقى بتأثيره على طبيعة التعاطى المصرى مع القضية بالسلب. من الصحيح أن صانع السياسة يجد صعوبة فى التحكم فى مسيرة الأحداث والتطورات فى بيئة دولية وإقليمية متغيرة وتشهد كل يوم تحولات كبرى مثل كورونا التى شغلت العالم سنتين، ثم حرب أوكرانيا التى ما زالت تشغل العالم، وأخيراً الأزمة السودانية والتى تصل بالنار إلى عقر دار دول الأزمة. غير أن وضع هذا العامل، تغيرات البيئة الدولية والإقليمية فى الاعتبار - وأظنه موجوداً ثقة فى حسن أداء الدبلوماسية المصرية - ربما يحررنا من بعض الآمال التى قد تكون فى غير محلها ومن المؤكد أنه سيمثل دافعاً للعمل على إنهاء الموقف مبكراً وبما يحقق مصلحتنا القومية.

[email protected]