رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاوى

فى إطار الحديث عن المواطنة توصلنا إلى نتيجة مهمة، وهى أن الأوطان تتكون من ثلاثة أمور، الأول هو الأرض والثانى هو الشعب والثالث هو الحكومة أو السلطة التى تحكم.

هكذا تكون عناصر الوطن، ولذلك لابد من الوعى بهذه العناصر كلها الآن، والسؤال عن قداسة الوطن.. نعم الوطن مقدس لأنه من دون الوطن لا يستطيع الإنسان ان يمارس رسالته فى الحياة، ومن دون الوطن لا يصبح له هوية وتضيع هويته، ومن هنا كانت الأوطان محببة إلى الناس جميعا ويكاد يكون حب الأوطان جبله فى النفوس كأنهم فطروا على ذلك.

والأشعار فى هذا والأقوال كثيرة ربما يأتى مجال نذكر بعضا من هذه الأشعار، لكن من الكتب التى يمكن ان يقرأها الإنسان، ويتلذذ بقراءتها كتاب المؤرخ المغربى عبدالله بوصوف، الإسلام والمشترك الانسانى، وفيه يتحدث عن التجربة الاسلامية فى عهد الرسول وفى الأندلس وكتاب، المواطنة والدولة، للشيخ محمد شمس الدين رحمه الله، والمواطنة فى الاسلام. واجبات وحقوق، للدكتور بدر عبدالقادر. وكتاب رائع أيضًا للدكتورة فينان نبيل عيساوى، المواطنة فى الفكر الاسلامى.

إذا كان التطور الحضارى الغربى لم يعرف المواطنة وحقوقها إلا بعد الثورة الفرنسية أواخر القرن الثامن عشر، بسبب التمييز على أساس الدين بين الكاثوليك والبروستانت، وعلى أساس العرق بسبب الحروب، وعلى أساس الجنس بسبب التمييز ضد النساء، وعلى أساس اللون فى التمييز ضد الملونين. والمواطنة الكاملة والمساواة فى الحقوق والواجبات قد اقترنت بظهور الإسلام وتأسيس الدولة الاسلامية الأولى فى المدينة فى السنة الأولى للهجرة الموافقة الثالثة عشرة من البعثة، بما تساوى سنة 622 من الميلاد فى عهد الرسول وتحت قيادته.

وإن لم يكن هناك وجود للمواطنة بوصفها فكرة واقعية ومعيشية وحاضرة فى أكثر من نص وأكثر من حادثة فى التاريخ، فلقد وضعت الدولة الإسلامية فلسفة المواطنة هذه فى حيز الممارسة والتطبيق، وضمنتها فى المواثيق والعهود الدستورية منذ اللحظة الأولى، لقيام هذه الدولة فى أول دستور لها على أساس التعددية الدينية والمساواة فى الحقوق والواجبات بين المواطنين المتعددين فى الدين والمتحدين فى الأمة والمواطنة. وضم هذا الدستور معاهدة بين المسلمين وطوائف المدينة وهى الوثيقة السياسية الأولى المشتملة على حوالى 47 بندا.

ولا مكان فى الدين الاسلامى لتلك الايديولوجيات التى تنشر ثقافة الصدام والحقد سواء بين الأفراد، كما هى تصورات العنصرية أو بين الثقافات والحضارات، كما يروج لها منظرو الحروب الحضارية، بل إن الإسلام يقر بسنة التنوع فى الحياة باعتبارها موضوعا يقتضى ابداع وسائل من شأنها تعزيز التعايش السلمى والتواصل بين الجميع. ولذلك فإن كلمة القسط على سبيل المثال الوارد ومرات عديدة فى القرآن الكريم تتسع لتشمل كل دروب التعامل الحسن مع غير المسلمين بغض النظر عن الانتماء الدينى والاجتماعى والثقافى، فالأمر بالقسط موجه إلى المسلم فى الخطاب القرآنى باعتباره ميزانا للتعامل مع الآخر، لا مع المسلم فحسب فإذا كان الاسلام دعوة عالمية يجب من ثم وضع مفرداته وأدبياته فى سياق عالمى، من دون الاقتصار على التفسير المحلى الذى يحول عالم الإسلام إلى قوقعة مغلقة، كما يفعل المتطرفون والتكفيريون والمتشددون اليوم، والذين يسعون إلى تحويل الإسلام إلى ديانة طائفية.

إن مفهوم المواطنة بأبسط صوره يقوم على المساواة بين أبناء الوطن الواحد الذين يعيشون على بقعة جغرافية معينة من الأرض لهم حقوق متساوية، وعليهم واجبات يؤدونها للدولة ولا يوجد تمييز بين بعضهم البعض، سواء كان عرقيا أو دينيا أو عنصريا. ويرتبط مفهوم المواطنة كما تبلور فى الفكر السياسى الحديث بالدولة القومية من جهة وبالديمقراطية من جهة ثانية.. والتطور إليهما ارتبط بالعلمانية غالبا، إذ إنه فى المجتمعات ما قبل الدولة القومية، حيث سادت أوروبا امبراطوريات جامعة لعدة أعراق وقوميات، كان الرباط الدينى هو الرباط الجامع حتى إذا تفككت تلك الإمبراطوريات، وتشكلت على انقاضها دولة قومية بحثت لها عن مصادر بديلة للشرعية تبلورت بعد فى سلسلة من التطورات الفكرية والحروب الطاحنة فى معاهدة، ويستفاليا، بين الدول الأوروبية فى النصف الثانى من القرن السابع عشر، فيما هو متعارف من دول قومية علمانية، فيها الديمقراطية يتمتع كل سكانها على اختلاف الدين والعرق بحقوق متساوية باعتبارهم مواطنين تنطلق حقوقهم، لا من الاشتراك فى عقيدة بل فى الأرض أيضا.

وللحديث بقية