خلال الربع الأول من العام المالى 2023
الميزانية العامة لسلطنة عُمان تحقق فائضاً مالياً يقدر بنحو 450 مليون ريال عمانى
أعلنت وزارة المالية بسلطنة عُمان مؤشرات الأداء المالى خلال الربع الأول من العام المالى 2023، حيث أسهم ارتفاع كل من الإيرادات النفطية والجارية فى تحقيق فائض فى الميزانية يقدر بنحو 450 مليون ريال عمانى، ومن المتوقع أن ينعكس هذا الفائض إيجاباً على العديد من مؤشرات الوضعين المالى والاقتصادى خلال العام الجارى إذ يسهم فائض الميزانية فى تقليص الحاجة للتمويل الداخلى والخارجى وكذلك خفض مستويات السحب من الاحتياطيات، وفى حال استمرار ارتفاع النفط بما يحقق فائضاً بنهاية العام المالى الجارى، قد لا تلجأ سلطنة عمان لخيار القروض هذا العام كما ستتمكن من الاستمرار فى سياسة خفض كلفة القروض وأعباء الدين المستقبلية، وحتى الآن تشير توقعات المؤسسات الدولية ومنها صندوق النقد الدولى، إلى أنه من المرجح أن ينتهى العام الجارى بتحقيق فائض فى ميزانية دول مجلس التعاون المصدرة للنفط والغاز، وإذا تحقق ذلك فسيكون 2023 العام الثانى على التوالى الذى ينتهى بفائض مالى بدلاً من عجز متوالٍ منذ انخفاض النفط فى 2014.
حزمة السياسات المالية والتنموية التى تستهدف الوصول للاستدامة
وأدى متوسط سعر النفط المرتفع المحقق فعلياً، 85 دولاراً للبرميل مقارنة مع تقديرات الميزانية الأولية عند 55 دولاراً للبرميل، إلى نقل الميزانية خلال الربع الأول من هذا العام من وضع العجز المتوقع إلى تحقيق الفائض الفعلى مع ما يصاحب ذلك من زيادة حيز الهوامش المالية التى تتيح المضى قدماً فى حزمة السياسات المالية والتنموية التى تستهدف الوصول للاستدامة، ويتصدرها حسن إدارة المحفظة الإقراضية ودفع الدين العام نحو التراجع بهدف استمرار خفض كلفته ومخاطره، والاستمرار فى تعزيز الإنفاق الإنمائى والاجتماعى.
والتزاماً بالإطار المالى المحدد فى الخطة الخمسية العاشرة، تم تحديد ميزانية العام الجارى وفقاً لمتوسط سعر تحوطى لبرميل النفط عند 55 دولاراً للبرميل مع توقع إيرادات عامة بنحو 10 مليارات ريال عمانى وإنفاق حكومى حوالى 11.3 مليار ريال عمانى، ما جعل التوقعات المبدئية لميزانية العام الجارى تشير إلى عجز يقدر بنحو 1.3 مليار ريال عمانى ويمثل نحو 3 بالمائة من الناتج المحلى الإجمالى لسلطنة عمان والذى تجاوز 44 مليار ريال عمانى بنهاية العام الماضى.
وكانت وزارة المالية قد أعلنت فى بيان ميزانية العام الجارى أن العجز المقدر فى الميزانية سيتم تمويله من خلال الاقتراض الداخلى والخارجى والسحب من الاحتياطيات فى حالة الاحتياج لذلك، بما يعادل 900 مليون ريال عمانى من القروض و400 مليون ريال عمانى من الاحتياطيات، ولن تلجأ الحكومة إلى التمويل فى حال تحقيق إيرادات ناتجة عن ارتفاع النفط عن متوسط السعر المقدر فى الميزانية، لكنها قد تقترض لإعادة التمويل والتفاوض على القروض الحكومية واستبدالها بقروض ذات كلفة أقل استمراراً لنهج المراجعة المستمرة للمحفظة الإقراضية وتكاليف التمويل المرتبطة بها، وعزم الحكومة على خفض معدل الدين العام من خلال الاستفادة من الإيرادات المالية الإضافية المحققة إثر ارتفاع أسعار النفط العالمية، وقد حقق ذلك ثماراً ملموسة حتى الآن فى خفض أعباء الدين المستقبلية.
سداد قروض حكومية بنحو 1.5 مليار دولار قبل موعد استحقاقها
وفى نهاية مارس الماضى، نجحت سلطنة عُمان فى سداد قروض حكومية بنحو 1.5 مليار دولار قبل موعد استحقاقها، كما خفضت فى الوقت ذاته معدل الفائدة لبعض القروض، من خلال التفاوض مع المقرضين، ونتج عن ذلك الحصول على كلفة تمويل أقل من أسعار التمويل السائدة حالياً، بالإضافة إلى استمرار المؤسسات العالمية والإقليمية ضمن المقرضين، ما يؤكد قوة المركز المالى لسلطنة عُمان، وبنهاية الربع الأول من 2023 سددت حكومة سلطنة عمان عدداً من الالتزامات تقدر بنحو 1.1 مليار ريال عمانى أى ما يعادل 2.8 مليار دولار دون اللجوء إلى إعادة الاقتراض من أجل تمويلها، متضمنة 1.3 مليار دولار قروضاً سددتها الحكومة فى يناير الماضى.
وبنهاية الربع الأول من العام الحالى، انخفض حجم الدين العام إلى نحو 16.6 مليار ريال عمانى، وكان قد تراجع بشكل ملموس بنهاية العام الماضى إلى نحو 17.7 مليار ريال عُمانى.
سياسات وخطط الضبط المالى لتنفيذ الرؤية المستقبلية عُمان 2040
ومثّل العام الماضى تحولاً مهماً فى الوضع المالى لسلطنة عمان فى ظل الانخفاض الملموس فى حجم الدين العام والذى كان قد صعد إلى 20.8 مليار ريال عمانى فى نهاية عام 2021، ومكّنت إيرادات النفط الإضافية وسياسات وخطط الضبط المالى فى تراجع مستمر لحجم الدين وكلفة أعبائه المستقبلية، وخلال العام الماضى أسهم السداد المبكر وخفض كلفة التمويل فى تراجع خدمة الدين العام من 1.294 مليار ريال عمانى إلى 1.140 مليار ريال عمانى.
وبدءاً من عام 2020، تبنت سلطنة عمان خطتها المالية متوسطة المدى بهدف خفض المخاطر التى تهدد الاستقرار المالى والاقتصادى للدولة فى ظل ارتفاع مستويات المديونية العامة، وحققت تقدماً كبيراً فى تنفيذ الخطة وأيضاً فى تجاوز ما كان مستهدفاً عند إعداد هذه الخطة، وكان الالتزام بخطط وسياسات الضبط المالى إحدى الركائز الأساسية الممهدة لتنفيذ الرؤية المستقبلية 2040، كما تجدر الإشارة إلى أن التحسن الكبير فى الوضع المالى والاقتصادى عزز من الصلابة والمرونة التى تمتلكها سلطنة عمان فى مواجهة التحديات المتصاعدة والمتوالية فى المشهد العالمى نظرا للتوترات الجيوسياسية والخلافات التجارية بين الدول الكبرى، كما أدى التضخم المتفاقم عالميا إلى زيادة كبيرة فى معدلات الفائدة المصرفية وارتفاع كلفة الاقتراض والتمويل مما فرض ضغوطا فى الوقت الحالى على المقترضين، فى حين يساهم احتواء الدين وكلفته فى خفض الضغوطات المحتملة التى قد تواجهها سلطنة عمان نحو التزامات التمويل فى السنوات القادمة.
رفع متوال للتصنيف الائتمانى لسلطنة عمان وتغير النظرة المستقبلية إلى إيجابية
فى ظل استمرار توجه سلطنة عمان نحو حسن استغلال العائدات الإضافية المتحققة من ارتفاع أسعار النفط، وما أثبتته من قدرة ونجاح فى إدارة الملف المالى خلال الأعوام القليلة الماضية، يتواصل التحسن الملموس فى المركز المالى للدولة وما أدى إليه ذلك من رفع متوال للتصنيف الائتمانى لسلطنة عمان وتغير النظرة المستقبلية لها إلى إيجابية خاصة فى ظل النمو الاقتصادى المرتفع وتحقيق فوائض فى كل من الميزانية العامة والحسابات الخارجية لسلطنة عمان.
وخلال العامين الماضى والحالى، قامت جميع وكالات التصنيف العالمية الكبرى بتعديل تصنيف سلطنة عمان إلى إيجابى فى ظل تحسن آفاق الاقتصاد العُمانى وانخفاض المخاطر النظامية، ويبدو الطريق مفتوحاً لمزيد من تحسن التصنيف خلال العام الجارى فى حال ثبات مستويات المديونية العامة للدولة ومعدل صافى الأصول الأجنبية كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى على المدى المتوسط، وانخفاض نسبة الدين الخارجى من الناتج المحلى الإجمالى.
وكان أحدث تقرير أصدرته وكالة «فيتش» العالمية هذا العام قد عدل النظرة المستقبلية لسلطنة عمان من «مستقرة» إلى «إيجابية» وثبتت التصنيف عند «BB».
ويعكس تعديل النظرة المستقبلية الإيجابية الانخفاض الملحوظ فى الدين العام كنسبة من الناتج المحلى الإجمالي؛ بفضل الإجراءات التى اتخذتها الحكومة فى ضبط الأوضاع المالية وارتفاع الإيرادات النفطية، وانخفاض معدل الدين العام كنسبة من الناتج المحلى الإجمالي.
مبادرات لبرنامج الشركات الناشئة العُمانية

وفى سياق متصل، عقدت اللجنة الإشرافية لبرنامج الشركات الناشئة العُمانية الواعدة اجتماعها الثانى للعام الحالى برئاسة بلعرب بن هيثم آل سعيد الرئيس الفخرى للبرنامج، حيث ناقشت اللجنة خلال الإجتماع حزمة من المواضيع المدرجة على جدول أعمالها أبرزها الموقف التنفيذى لقرارات الاجتماع الأول للجنة الإشرافية لعام ٢٠٢٣م.
كما ناقشت اللجنة الموقف التنفيذى لأبرز مبادرات البرنامج فى محور بناء القدرات للشركات الناشئة وهى مبادرات التعليم المدرسى والتى تتضمن إعداد مادة تعليمية حول الشركات الناشئة، وتنفيذ معسكرات أفكار المشاريع الناشئة، ولعبة تعليمية ذكية حول الشركات الناشئة تستهدف طلبة المدارس، بالإضافة إلى مبادرات التعليم الجامعى وتشمل إعداد مادة تعليمية حول الشركات الناشئة، وتنفيذ معسكرات ومسابقات تستهدف طلبة الجامعات والكليات، واستعرضت مبادرة برنامج التوجيه مع خدمة دعم المشاريع والشركات الناشئة فى المراحل الأولية، ومبادرات أصحاب الشركات الناشئة والرياديين والأفكار الابتكارية والمهتمين فى المجال من خلال تنفيذ هاكاثونات وطنية، ومساقات افتراضية تعليمية تفاعلية للشركات الناشئة عبر الأكاديمية الرقمية لريادة الأعمال، إضافة إلى مبادرة نشر ثقافة الشركات الناشئة عبر إنشاء دليل الشركات الناشئة فى سلطنة عمان وبودكاست صوتى خاص بالشركات الناشئة، وإعداد سلسلة من الأدلة الإسترشادية فى عدة جوانب وأخيرا مبادرة برنامج القيادة والنمو والذى ينفذ لأصحاب الشركات الناشئة العمانية الأسرع نموا، كما تم خلال الاجتماع تقديم عرض تعريفى حول مؤسسة إنجاز عمان ومساهمتها فى تنمية الشركات الناشئة الطلابية وقطاع ريادة الأعمال.
كما تابعت اللجنة مستجدات تنفيذ دراسة تحليلية لدراسة التوجهات المتعلقة بملف الشركات الناشئة القائمة على الابتكار والتقنية ومنظومة الشركات الناشئة فى سلطنة عمان لتحديد التحديات والخروج بسياسات وبرامج فاعلة تسهم فى نمو الشركات الناشئة وتعزيز الأثر الاقتصادى لها.
تعزيز وعى المجتمع وتوفير بيئة محفزة لرواد الأعمال
يهدف برنامج الشركات الناشئة العمانية الواعدة إلى تحفيز منظومة الشركات القائمة على التقنية والابتكار فى سلطنة عمان، والإسهام فى نشر ثقافة الشركات الناشئة فى المؤسسات التعليمية، وتعزيز وعى المجتمع بأهميتها، وتصعيد عدد من الشركات الناشئة العمانية إلى المستوى الإقليمى والعالمي. كما يسعى البرنامج لتمكين أصحاب الأفكار المبتكرة، ودعم تأسيس شركات ناشئة فى هذا المجال وربطها بفرص الأعمال والاستثمار والتمويل بما يحقّق لها التوسع فى الأسواق المحلية والعالمية، إضافة إلى العمل على رفع ترتيب سلطنة عُمان فى المؤشرات الدولية ذات العلاقة بالابتكار والتقنية وسهولة ممارسة الأعمال.
ويعد البرنامج ترجمة حقيقية لأولوية التنويع الاقتصادى والاستدامة المالية فى رؤية عمان 2040، وترجمة لحرص السلطان هيثم بن طارق على بناء اقتصاد حيوى مزدهر عبر توفير بيئة محفزة لرواد الأعمال والشركات الناشئة ودعمها فى جميع مراحل مشاريعهم بكافة الإمكانيات، وتعزيز حضورها إقليمياً ودولياً.
كلام الصور: السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان
بلعرب يترأس اجتماع اللجنة الإشرافية لبرنامج الشركات الناشئة العُمانية