رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

فاجأنى الصديق والزميل العزيز وحيد شعبان قبل معرض القاهرة للكتاب الماضى بأنه يعد لنشر روايته الأولى خلال المعرض. مصدر المفاجأة أن معرفتى بوحيد والتى تمتد لنحو ١٥ عاما تقتصر على أنه صحفى جسور مقدام مشاكس اما الأدب فربما ليس له منه سوى أخلاقه. أعترف أننى ظننت -وبعض الظن إثم- أن ذلك العمل وليد الإحباطات التى يعيشها وحيد وجيله من حالة صحفية متردية لا يجدون فيها وسيلة إلى تحقيق ذواتهم على نحو ما أملوا وتصوروا من دخولهم مهنة الصحافة، وأنه ربما يكون العزاء من قلة المال التى هى شكوى الصحفيين عموما، وبالذات جيل وحيد، سلوك الطريق إلى الشهرة والتى قد تكون الرواية إحدى طرقها.

بعد أن هدأت فورة المعرض وعاد كل إلى أدراجه كانت لى وقفة مع الرواية، قرأتها من الجلدة إلى الجلدة. ترددت كثيرا فى كتابة هذه السطور عنها، فأنا لست ناقدا أدبيا ولا أدعى ذلك، وقد عزفت رغم إهداءات من روائيين مختلفين عن الكتابة فى هذا الصدد اعترافا بحجمى الضئيل وقامتى المحدودة فى سوق الكتابة الأدبية، ورغم «زعل» كثيرين من عدم الكتابة عن أعمالهم. غير أن ذلك لا ينفى إقدامى على الكتابة التى يمكن القول إنها احتفائية لبعض أعمال الأصدقاء الذين انفعل بما يقدمون شعورا منى بالفخر بأنهم من أصدقائي، فأنا فى النهاية قارئ ولى ذائقتى الأدبية مهما كان تواضعها.

على هذه الخلفية تأتى خواطرى تلك عن صديقى وحيد، واعترف أن المفاجأة الثانية كانت فى مستوى العمل الذى قدمه فقد استمتعت بحق بالرواية، وادركت أن مؤلفها لم يقدم عليها من فراغ وإنما عن شعور ووعى بامتلاك ادوات الإقدام على كتابة رواية وهو كذلك بالفعل، حيث تشعر مع القراءة بأن المؤلف لديه القدرة على تقديم حبكة روائية متميزة والقدرة على السرد بطريقة شيقة تضعك فى قلب الأحداث بشكل قد تنغمس معها إلى حد البكاء كبكاء نور بنت عز على فراق أبيها فى الرواية.

يذهلك وحيد بتلك القماشة الواسعة التى يغزل على أساسها نسيج أحداث عمله الادبى الوليد، ويقدم من خلالها ما ربما لم يتح له حاله فى الصحافة أن يقدمه من لغة خاصة ممزوجة بلغة الناس العاديين -لغة الشارع- والتى تكتسب قدرا من الرقى فى المعمل الروائى لـ«وحيد».

ولأن مفهومى للكتابة الاحتفائية أنها ليست طريقا إلى المديح فقط، فربما يتطلب ذلك الإشارة إلى أن «بنت عز» العمل الأول لـ«وحيد» لا يخلو من هنّات، وهذا طبيعي، بل وقمة الطبيعي، حيث تشعر بفجوات كبيرة فى الأجزاء التى ينتقل فيها المؤلف من سياق إلى آخر فى إطار الرواية، بشكل به نوع من المدرسية فى الكتابة، فضلا عن طبيعة القالب الذى صب فيه «وحيد» أحداث عمله وهو قالب يغلب عليه طابع المباشرة.

ربما مر عمل «بنت عز» الروائى فى صمت ولم يشعر به الكثيرون فى ضوء اتساع مهنة الأدب، واتساع نطاق الطباعة بشكل لم يعد معه القارئ يلاحق الأعمال الادبية أو يعرف مؤلفيها عن كثب، ولكن الميزة فى هذا المجال أن الآية تنعكس ليتحول الحال من العملة الرديئة تطرد الجيدة من السوق إلى العكس، فنطاق الفرز لدى القارئ كبير وسيبقى فى ذاكرته وذائقته تلك الأعمال المتميزة التى تثرى وجدانه، وهذا هو التحدى الذى أتصور أن «وحيد» ورفاقه من المغامرين فى سوق الأدب سيواجهونه.

ما يدفعنى للتفاؤل هو ان المؤلف فرغ من كتابة عمله الثانى الذى قد يؤكد أن ذلك النوع من الكتابة قد لا يكون حالة طارئة عليه، وإنما حالة كانت تنتظر الظرف المناسب، ما يعنى أن ساحة الأدب ربما تشهد انضمام نجم جديد إليها من أبناء صحيفة الوفد التى قدمت الكثيرين للصحافة والأدب.

[email protected]