عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صواريخ

< مع انطلاق أولى جلسات الحوار الوطنى، ظهرت رغبة مصرية عامة فى تجاوز كل الصعاب والتحديات التى تمر بها الأمة المصرية، بسبب الأزمات التى تفجرت على المسرح الدولى بدءًا باجتياح فيروس كورونا للعالم واصابته بالشلل لمعظم الدول وتأثيره البالغ على معدلات النمو، وقبل أن يستفيق العالم من هذه الصدمة، جاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتزيد المعاناة، وتضرب الدول النامية فى مقتل، وتصيب الحكومات بارتباك شديد سواء فى مشروعاتها القومية، أو خططها المستقبلية بعد أن توقفت سلاسل الامداد الغذائية وتنافس الدول الكبرى فى رفع أسعار الفائدة، وهو ما تسبب فى ارتفاع الأسعار بصورة بالغة، وترك آثار سلبية كبيرة على اقتصاديات الدول النامية، وأيضا هناك عوامل داخلية ساهمت فى الأزمة الأقتصادية، ويأتى على رأسها استمرار الزيادة السكانية بشكل مطرد فى ظل عدم سعى الحكومة لمواجهة هذه الظاهرة بحلول جدية وقرارات شجاعة، كما تظل أزمة جذب الاستثمارات الأجنبية قائمة لأسباب كثيرة ومتعددة، فى الوقت الذى استطاعت دول مجاورة تحقيق نجاح كبير فى هذا الجانب.

< لقد بدا من الوهلة الأولى فى جلسة الحوار الوطنى أن الجانب الاقتصادي، أو بالأحرى المشكلة الاقتصادية تستحوذ على اهتمام أغلبية المشاركين فى جلسات الحوار، وبدا هذا فى معظم الكلمات التى نقلتها وسائل الإعلام، ثم جاء الجانب السياسى فى المرتبة الثانية، وتركزت أيضا على جانبين فقط وهما السبيل إلى أفضل نظام انتخابى فى مصر، وللأسف غفل البعض عن بعض النصوص الدستورية وتم طرح رؤى وأفكار يتعارض بعضها مع نصوص الدستور، ولم يشر من قريب أو بعيد إلى اجراء تعديلات دستوريى لتغيير النظام الانتخابى، ووضع نظام انتخابى جديد يمكن التوافق حول ويمكن تطبيقه فى مصر بكل الظروف الاقتصادية والسياسية والثقافية للشعب المصرى، أما الجانب الثانى فقد تركز حول الحريات العامة ومدد الحبس الاحتياطى، والحقيقة أن الواقع السياسى فى مصر يحتاج إلى مناقشة عميقة ومتشبعة فى جوانب كثيرة ويحتاج إلى تشريعات جديدة تواجه كل المظاهر السلبية التى عاشتها مصر فى الحقبة الأخيرة منذ عودة الحياة الحزبية فى بداية ثمانينيات القرن الماضى وحتى الآن وعلى رأسها اختلاط الدين بالسياسة، وتجريم قيام أحزاب سياسية بمرجعية دينية، وكذا الحال بالنسبة لاختلاط المال بالسياسة.

< يبقى الضلع الثالث فى جوانب الحوار الوطنى الثلاثة، وهو المجتمعى الذى تلاشى فى الجلسة الافتتاحية إلى حد ما.. وفى اعتقادى أنه الجانب الأهم فى الجوانب الثلاثة المطروحة للنقاش على اعتبار أن بناء الإنسان والمناخ الاجتماعى هو أساس البناء الاقتصادى والسياسى، وهو بالتأكيد يبدأ بالبناء العلمى والثقافى، وهذا الجانب تحديدا -الجانب المجتمعي- كانت مصر فيه دولة رائدة قبل أكثر من قرن عندما رسخت لدولة المواطنة منذ انطلاق ثورة 19 بشعار الدين لله والوطن للجميع، وحررت المرأة المصرية ومنحتها كافة الحقوق المدنية، وجاء دستور 23 ليرسخ حقوق العمال والحريات العامة، وأسس الدولة الوطنية المدنية. وهو ما خلق هوية مصرية مدنية ومجتمعا متحضرا ينافس المجتمعات الأوروبية على شتى المستويات بعد أن تفجرت الابداعات المصرية فى شتى المجالات، إلا أن الحروب التى خاضتها مصر والتراجعات الاقتصادية كانت سببا فى تراجعات كثيرة سواء ثقافية أو سياسية، وكان لها تأثير بالغ على هذا المجتمع، وهو تأثير يمتد إلى شتى جوانب الحياة سواء على ثقافة العمل والانتاج، أو عوامل الجذب والطرد للاستثمار، وأيضا هو أحد أهم العوامل تأثيرًا على الجوانب السياحية، وغيرها من جوانب السلوك البشرى التى تشير إلى مدى تحضر الأمم، وبالتالى يجب أن تكون أهم محاور الحوار الوطنى.

حفظ الله مصر