رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قلم صدق

تكريم العامل أو الموظف ليس وليد حادثة وإضراب العمال فى هايماركت فى الأول من مايو من القرن الـ١٩، إعلاناً عن استنكارهم وغضبهم من الإعدامات التى جرت لمجموعة من زملائهم المضربين عن العمل، ولكن يعود بنا لألف وأربعمائة عام، حينما كرم الله العامل وجعله من المفلحين فى قوله: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِى الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).. وكرمه النبى صلى الله وعليه وسلم حين قال «أعطِ للأجير حقه قبل أن يجف عرقه».

وعيد العمال العالمى، بمعناه التقليدى هو احتفال سنوى يقام فى دول عديدة احتفاءً بالعمال، ويحتفل به فى الأول من مايو كل عام، وهو عطلة رسمية فى أغلب دول العالم.. وبمناسبة عيد العمال أسرتنى صورة على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» لامرأة تحمل فوق رأسها قفصًا تبيع فيه خضارًا، تجاوز عمرها أضعاف سن شباب فى عمر الزهور، تتنطع على المقاهى، مدعية أو زاعمة ندرة العمل، وهو ما ينافى عقيدتى منذ صغرى، بأن العمل موجود طالما وجد الإنسان، وهو ما أخذته عن رجل مسن عملت معه فى سن صغيرة من عمرى، وأظنه اليوم فى دار الحق، حيث نصحنى قائلًا لي: «يا أيمن يا ابنى متقلقش الشغل عمره ماهيخلص طول ما إحنا موجودين»، ثم ترسخت المقولة حتى أصبحت عقيدة لدىّ باحتكاك الحياة وبقوله تعالى «وما من دابة إلا على الله رزقها».

لذلك أمقت الشاب الذى أراه فارغًا، ليس لديه شيء من عمل الدنيا ولا من عمل الآخرة، كما كان يقول عبدالله بن مسعود، متحججًا بأن هذا العمل لا يناسبه، ولا يناسب مكانته الاجتماعية.. ولا ذاك لتعبه وبهدلته، فأقول له لقد خلق الله لكل فئة عملاً يناسبها، وإذا كان الشغل مجهدة فإن الفراغ مفسدة، وغبار العمل ولا برفان البطالة. ويكفِى لك أيها الشاب أن تدق الباب أو تطل بوجهك من النافذة أخذًا بالأسباب، ولا حاجة بك إلى كثرة الحجج والمكر حتى يأتيك عملك، فسهولة الحصول على عمل لك، لا تجاوز يقيناً عمل السيدة مريم فى مخاضها وهو «وهزى إليك بجزع النخلة تساقط عليك رطبًا جنيًا».

وليس حقًا أن نرى المقاهى حبلى بالشباب، متكئين على قولة «البلد مافيهاش شغل».. فلماذا إذا نتهم المقاهي- وهى بريئة كما فى المثل من دم ابن يعقوب- بأنها انعكاس على ندرة العمل، ورمز البطالة فى البلد.. إلا أن الشباب حولوها لملتقى الكسالى، فتجاوزت دورها كتجمع لتناول نشاط سياسى أو ثقافى أو فنى أو أدبى موازٍ لدورها الأساسى وهو الاجتماعى، مثل مقهى «الفيشاوى»، الواقع فى الحسين، ملتقى رواد الفن والثقافة والأدب، ومقهى «الزهراء» الذى أطلق عليه مجازًا «قهوة المشايخ» نسبة إلى مرتاديه من القراء والمنشدين المبتهلين، ناهيك عن مقهى ريش ملتقى زعماء ثورة ١٩.

***

فدعوتى للشباب هى ابدأ، ثم غير للأحسن، ثم ارتقِ، ثم اكبر، فإن العمل موجود طالما وجد الإنسان، فالفم يحتاج اللقمة، والجسم تنقصه السترة، والمريض تشفيه الحقنة، والبرد يلزمه كوفرتة، والبعد تقربه مواصلة، والإنسان للإنسان دائماً فى حوجة، لذلك لا ينقطع العمل.