رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

وحدة الدم والتاريخ والثقافة والمستقبل والمصير بين شعبى مصر والسودان جعلت العلاقات بين البلدين متجذرة وعميقة على مر العصور بداية من العصر الفرعونى وصولًا للعصر الحديث. فطبيعى أن تنزعج مصر بسبب النزاع الجارى فى السودان الشقيق بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع، ويدعو الرئيس عبدالفتاح السيسى فى هذه اللحظة التاريخية الدقيقة التى يمر بها السودان الشقيق الأطراف المتنازعة إلى ضبط النفس وممارسة أقصى درجات الحكمة، ووقف العمليات العسكرية حقنًا لدماء أبناء الشعب الشقيق وتغليب لغة الحوار والتوافق الوطنى فى حل الخلافات، وعدم السماح بتدخل أى طرف خارجى بأى شكل يوجج من النزاع الجارى حرصًا على استغلال البلاد وحماية مقدرات الشعب، السودانى، كما كانت مصر سباقة فى دعوة الجامعة العربية لمناقشة الأزمة لتهدئة الأوضاع.
مصر والسودان ظلا على مر الحقب والعصور يتقاسمان فيض النيل، وتجلى الإرث المشترك فى منطقة النوبة الممتدة ما بين أسوان والخرطوم، وساهم الوجود المصرى فى السودان فى توحيد الكيان السياسى السودانى وربط أقاليمه بمصر برباط الوحدة العضوية والسياسية، الأمر الذى عزز ورسخ الأسس الوحدوية لوادى النيل ورسخ علاقات التواصل الدينى والنفسى والثقافى والوجدانى، إضافة إلى المياه والاقتصاد والتجارة، ومن ملامح التعاون الاقتصادى أرسلت مصر المهندسين والخبراء الزراعيين لتدريب الأشقاء على أصول الزراعة ونشر الوعى الزراعى، كما أرسلت أبناء السودانيين إلى المدارس الزراعية فى مصر وأدخلت غلات زراعية جديدة لزراعتها فى الأراضى السودانية، كما ساهمت مصر فى مشروع مد خطوط السكك الحديدية وعمل حواجز لمقاومة فيضان النيل الأزرق الذى كان يهدد الخرطوم.
وتعد زيارات الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى السودان الشقيق دليلًا على عمق العلاقات المصرية، وحرص الرئيس السيسى أن تكون أول جولة له عقب إعادة انتخابه لولاية ثانية للسودان الشقيق، كما كانت السودان ضمن أول جولة خارجية فى ولايته الأولى أيضاً. وخلال القمم الثنائية التى جمعت قيادتى البلدين كان التأكيد دائمًا على علاقات الأخوة الأزلية والروابط المشتركة التى تجمع شعبى وادى النيل، وتعزيز وترسيخ علاقات الأخوة، وتعظيم مساحات التعاون المشترك، بما يليق بأهمية العلاقات بين البلدين ويرتقى إلى طموحات الشعبين، ويتسق مع ما يجمعهما من تاريخ وعلاقات وطيدة.
وتؤكد مصر دومًا على استقرار السودان، وأن أمن السودان هو جزء لا يتجزأ من أمن مصر القومى، وفى يونيو 2014 بعد تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى رئاسة الجمهورية ناقش البلدان سبل تفعيل اتفاق الحريات الأربع بين البلدين وتم رفع تمثيل اللجنة المشتركة بين البلدين. للتقارب الجغرافى بين مصر والسودان أثر كبير فى تعميق العلاقات، خاصة الأدبية والفنية، فمنذ الخمسينيات ومصر حاضنة للفنانين والمثقفين السودانيين، وجاء التاريخ الأدبى حافلاً بإفراز عدد من الأدباء والشعراء من بينهم الطيب الصالح، ومحمد الفيتورى، والروائى الشاب حمور زيادة، وفى الوقت نفسه قضى عدد من الكتاب المصريين فترة فى السودان وكتبوا عنها، منهم شاعر النيل حافظ إبراهيم الذى قضى وقتًا كبيراً بالسودان، كما عاش فيها أيضاً الأديب الكبير عباس محمود العقاد فترة طويلة فى الأربعينيات، كما عاش محمد نجيب أول رئيس جمهورية لمصر، فترة طويلة بالسودان وأصدر كتابًا اسمه «رسائل من السودان»، كما أن الكتاب السودانيين كان لهم حضور قوى فى مصر، مثل الكاتب عباس علام الذى أصدر كتاباً عام 1946 بعنوان «دماء فى السودان» عبارة عن رسائل لأحد الجنود المصريين فى السودان فى تلك الفترة.
وقد سجلت الأغانى أيضاً حكاية مصر والسودان ومنها أغنية شادية «عاشت مصر والسودان»، بالإضافة إلى أغنية «المامبو السودانى»، وتعتبر من أشهر الأغانى الشعبية فى السودان. وكانت تقدم ضمن فلكلور فى السينما المصرية، والعديد من الأعمال الفنية المشتركة والتى جمعت بين رموز الفن والطرب بين البلدين: الفنان سيد خليفة والفنان صلاح بن البادية، والفنان محمد وردى، والفنان عبدالكريم الكابلى، كما غنت الفنانة شادية أيضاً باللهجة واللحن السودانى أغنية «يا حبيبى عدلى تانى»، وأغنية عن النيل تقوم فيها (يا جاى من السودان لحد عندنا - التمر من أسوان والقلة من قنا)، كما قامت كوكب الشرق أم كلثوم بزيارة إلى الخرطوم فى فبراير 1968 واعتبرت أم كلثوم تلك الزيارة من أجمل رحلات حياتها الفنية الناجحة والمتميزة وظهر ذلك فى اختيارها لكلمات «قصيدة أغداً ألقاك» من نظم الشاعر السودانى الهادى آدم لتغنيها.
كما شهدت العلاقات الإعلامية بين مصر والسودان تطورات عديدة، عبرت فى مجملها عن التلاحم فى العلاقات بين البلدين، وكانت إذاعة «ركن السودان فى القاهرة» هى المنفذ الإعلامى الأنشط والأهم لكل ما هو سودانى، واستمرت حتى عام 1983 عندما حلت محلها «إذاعة وادى النيل» وقد ارتبطت أسماع المواطن فى كل من مصر والسودان ببرامج «ركن السودان» ومنها برنامج «حبابك عشرة» ومع «السيرة» وبرنامج وحى الجنوب الذى كان يقدم الأغانى النوبية.
وتعد الجالية المصرية من أقدم الجاليات العربية الموجودة فى السودان، وكذلك علاقات الزواج والمصاهرة، كما أن اتفاق الحريات الأربع أتاح لمواطنى البلدين التنقل بحرية تامة من وإلى كلا البلدين، ونشر بعض التقارير إلى أن عدد المصريين فى السودان يدور بين 80 و100 ألف، بينما يدور عدد السودانيين فى مصر ما بين 3 و4 ملايين سودانى، وغالبيتهم تزوجوا من مصريات وتزوج مصريون من سودانيات والأطفال يحملون الجنسية المصرية والسودانية.
سلام على السودان من كلى وعاشت وحدة وادى النيل وعاش الشعبان يتمتعان بالاستقرار فى بلد كل منهما الذى يعتبر بلده الثانى وسحقاً للمؤامرات التى تسعى إلى الفرقة وتفتيت الشعوب العربية.
ما يحدث فى السودان شأن داخلى ونطالب النظام السودانى بحماية المصريين المتواجدين على أرضها، مصر ليست مع طرف من المتنازعين ضد طرف، وتسعى للتوازن حرصاً على الأرواح.