عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

الدستور هو القانون الأعلى الذى يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة ونظام الحكم وشكل الحكومة، مصر من أوائل الدول التى عرفت الدستور، ويعتبر دستور 1923 الذى مرت مائة عام على إصداره يوم 19 أبريل عام 1923 أول دستور حقيقى فى مصر، جاء كثمرة كفاح ونضال عظيمة للشعب المصرى وزعماء الحركة الوطنية فى ثورة 1919.

وعندما كلف الملك فؤاد الأول، إسماعيل باشا صدقى بتشكيل الحكومة، قام صدقى بإلغاء دستور 1923 يوم 22 أكتوبر وأصدر دستور 1930، فانتفض الشعب المصرى، وانفجر الغضب والمظاهرات، لأن دستور صدقى كان يرسخ للاستبداد وسلب من الأمة مكتسباتها التى حققها بعد نضال طويل، وأعاد مصر إلى الوراء عندما جعل الدستور منحة من الملك وليس عقداً بين الأمة والملك. حاول صدقى أن يحمل الشعب على الإذعان، فكانت المعركة الدستورية الكبرى وانتصر الشعب، وعاد له دستوره.. دستور 23 مرة أخرى وألغته ثورة 1952.

من كواليس معركة عودة دستور 23، هناك موقف وطنى وأخلاقى وإنسانى رائع للزعيم مصطفى باشا النحاس لابد أن يروى عن حكاية الأستاذ الكبير عباس محمود العقاد وقصة محاكمته وسجنه لمدة عام مع الشغل، يقول النحاس باشا: «مررت على الأستاذ العقاد لتهنئته بالخروج من السجن والاستفسار عن صحته ووجدته متعباً، فأرسلت إليه بعض الزملاء الأطباء لعيادته ووصف الدواء اللازم له.. و.. جاءنى الأستاذ حسن صبرى وبعد أن تحدثنا عن جرائم الوزارة وبطشها وإمعانها فى التنكيل بدون رقيب ولا حسيب ولا وازع من ضمير قال لى: والله يا باشا عندى مسألة أعرضها لعلك لو وافقت عليها يكون فرجاً من هذه الأزمة الطاحنة التى أضرت بجميع طبقات الأمة ولم ينج منها إلا أنصار الوزارة والمطبلون لها!! قلت له ما هى؟!

قال: إن جلالة الملك متأثر جداً من الوفد ومنك على وجه الخصوص لأنك زرت العقاد فى داره منهئاً بالخروج من السجن، مع أنه أهان الملك وعرض به، وحكم القضاء بإدانته! فقلت له: يا حسن بك أنت محام وتعرف مبلغ التلفيقات، ولعلك لم تنس بعد ما فعلته السراى معى وأنا وويصا واصف بك وجعفر بك، وقد كنت أحد المحامين المترافعين فيها، «والعقاد» لم يقل شيئاً يمس الملك إلا إذا كان الملك يعلن صراحة أنه ليس ملكاً دستورياً ولا يجب الدستور الذى وقعه باسمه، وكان السبب فى أن رفعه من لقب عظمة السلطان إلى جلالة الملك. فقال: يا باشا أنت سيد العارفين وسأصارحك بما جئت من أجله اليوم، إن الملك صرح لبعض خاصته بل بصراحة كلفنى أن أقابلك، وأعرض عليك أنه مستعد لأن يعيد دستور «23» ويشكل وزارة محايدة تجرى انتخابات حرة، وطبيعى سيكون الوفد صاحب الأغلبية، فتشكل الوزارة وتعود الحياة إلى مجاريها وتنتهى مهزلة الانتخابات التى يعد لها «صدقى باشا» والبرلمان الذى ينوى أن يفتتحه باسم الدستور الجديد، كل هذا فى مقابل مطلب واحد يريده الملك منك!!

وعندما سأله النحاس باشا عن هذا الطلب قال له: أن تفصل عباس العقاد من الهيئة الوفدية ومن الصحف الوفدية لأنه أهان الملك من غير داعٍ وتطاول عليه بلا سبب!! فأجبته كاظماً غيظى لأنه صديق وقلت له: يا حسن بك أنت زميل ولك علىّ حق ولولا هذا لغضبت منك إذ تحمل إلىّ مثل هذا الخبر، بلغ الملك أن «مصطفى النحاس» لا يقبل بأى حال من الأحوال أن يفرط فى فراش من فراشى بيت الأمة أو النادى السعدى فضلاً عن الكاتب الأستاذ «عباس العقاد» الذى سجن وعذب وحوكم ولم يجن ذنباً أكثر من أنه قال: إننا مستعدون لأن نحطم أكبر رأس تحاول أن تعبث بالدستور أو تعطل الحياة النيابية. وما أظن الملك الدستورى يحمل هذا القول على نفسه إلا إذا كان يكره البرلمان، وأنت تقول إنه مستعد أن يعيد الدستور فكيف ذلك، على أننى أحب أن أضع لك النقط فوق الحروف، فأقول لك بكل صراحة لن أفرط فى «العقاد» ولا فى أقل من «العقاد» لأن هذه سابقة خطيرة لها نتائجها وآثارها، وجاءت مهزلة الانتخابات «الصدقية» على أساس الدستور المزيف الذى وضعه، فكانت انتخابات مطبوخة طبخاً مكشوفاً إذا كانت نتيجتها فى جميع الدوائر 67٫3٪ ما عدا دائرة بورسعيد التى لم يرض محافظها الشجاع الكفء «حسن رفعت» أن يتدخل فيها بحال من الأحوال، فجاءت نتجتها ثلاثة فى المائة!! رحم الله الزعيم الوطنى مصطفى النحاس.