رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نور

الحديث عن الشخصيات الوفدية، التى قدمت الكثير لهذا الوطن، هو حديث لا ينتهي. وما بين الحين والآخر، نتوصل لمعلومات عن قيادة وفدية، لا يعرفها معظم الناس، وقد لا يعرفها الكثير من الوفديين، رغم أنها شخصيات عاصرت أحداثاً مهمة. وتصدرت مشاهد ثورة 1919، وقادت الجماهير نحو باب الحرية ومقاومة الاستعمار، وأنا شخصيًا أعتبر أى معلومة جديدة عن قيادات الثورة كنزاً كبيراً. 

منذ فترة، تلقيت مكالمة من الأستاذ عبدالسلام نعيم، وهو وفدى أصيل من دمنهور بمحافظة البحيرة، وتحدث معى عن جده الشيخ عبدالباقى سرور نعيم. أهم قيادات ثورة 1919 فى البحيرة، وقال إنه سوف يرسل لى بعض التفاصيل المتاحة عنه، لأن جده لم يحصل على حقه من معرفة المصريين والوفديين به. 

كانت بعض المعلومات المتوافرة والمحفوظة لدى والد الأستاذ عبدالسلام نعيم، الحاج محمد نعيم، هى أن الشيخ عبدالباقى سرور نعيم، من مواليد فبراير عام 1887 فى قرية قراقص بدمنهور، ووالده الشيخ سرور نعيم من علماء الأزهر الشريف، وقد درس الشيخ عبد الباقى فى كُتاب القرية، وتعلم الكتابة والقراءة، ثم أتم حفظ القرآن الكريم كاملًا فى سن مبكرة، وكان عمره إحدى عشرة سنة، ثم انتقل مع شقيقه عبدالمجيد للدراسة فى الأزهر الشريف. وتفوق دراسيًا حتى أصبح رمزًا أزهريًا، ومن أقرانه الشيخ عبدالعزيز جاويش والشيخ محمد عبده، وإن كان الشيخ محمد عبده من أساتذته، إلا أنه وصل لدرجته فى الأستاذية. 

فى عام 1910 تقدم الشيخ عبدالباقى لامتحان «شهادة العالمية» وحصل عليها بتفوق كبير، وهو ما أهله للتدريس فى الأزهر الشريف لمدة عامين. واتجه بعدها للكتابة فى الصحف والمجلات، وكانت معاركه الفكرية مع المستشرقين مؤهلة له لكى يتردد اسمه وسط المثقفين، وهو الأمر الذى جعله يتعرف فيما بعد على الزعيم سعد زغلول. 

تطورت العلاقة بين الشيخ عبد الباقى سرور نعيم والزعيم سعد زغلول، عندما تولى الشيخ مهمة جمع توكيلات الشعب للزعيم ورفاقه لتمثيل الأمة فى مؤتمر الصلح بباريس. 

وكان الشيخ مسئولًا عن حملة الوفد بمديرية البحيرة، فقد التقى بالزعيم فى القاهرة، وعاد إلى البحيرة حاملات عشرات الآلاف من التوكيلات، وتمكن من جمع التوكيلات وإعادتها إلى إدارة الوفد ممهورة بتوقيعات وبصمات وأختام أبناء البحيرة. 

لم يكتفِ الشيخ عبدالباقى سرور نعيم بجمع التوكيلات، ولكنه تولى قيادة المظاهرات الأولى فى مارس 1919 ليقود الثورة الأم فى البحيرة، ليتم القبض عليه وتثور البحيرة ويقرر المتظاهرون التجمع فى دمنهور يوم 21 مارس. ولم يبرحوها إلا بعد الإفراج عن الشيخ عبدالباقى الذى أصبح أيقونة ثورة 1919 فى البحيرة. 

من الوثائق التى تلقيتها من الأسرة ما كُتب عن الشيخ عبدالباقى أنه تم تقديمه لمحاكمة عسكرية أقامها الاحتلال لمحاسبة قيادات الثورة عقب تطبيق الأحكام العرفية. 

وقد قال له القاضى العسكرى إنه متهم بنشر الفوضى ومقاومة السلطات بتحريض من سعد زغلول. وسأله القاضي: هل أنت مُذنب أم غير مذنب؟ فكان رد الشيخ عبدالباقى سرور نعيم: غير مُذنب.. بل إن المذنب هو الرئيس الأمريكى ويلسون الذى قال إن من حق الشعوب تقرير مصيرها، وقد استجبت لندائه وطالبت بحق بلادى فى الاستقلال! كانت الإجابة صادمة.. وكانت نتيجتها الحكم بالبراءة. 

الشيخ عبدالباقى سرور نعيم لم يكن قائدًا وزعيمًا ثوريًا فقط، ولكنه كان مفكرًا وكاتبًا حتى إنه أصدر كتابًا عن الفلسفة والعلم والدين، بالإضافة إلى أنه ظل رمزًا لثورة 1919 فى البحيرة. 

وما زال أهل قريته يتفاخرون بزعامته للثورة فى البحيرة بأكملها.. وقد توفى الشيخ فى نفس السنة التى شهدت رحيل الزعيم سعد زغلول عام 1927. 

تحية لكل من ساهم فى حرية هذا الوطن عبر كل الأجيال.. وتحية لكل قيادات ورموز ثورة 1919.