رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

قبل أيام، مرَّت علينا ذكرى واحدة من أهم الصفحات المشرقة فى تاريخنا المعاصر، والتى كُتبت بأحرف من نور فى ذاكرة مصر والأمة العربية.

قبل 114 عامًا، وتحديدًا فى 9 مارس 1919، لم تكن ثورة المصريين فى هذا التوقيت حدثًا مهمًا فى التاريخ الوطنى لأرض الكنانة فحسب، وإنما شكلت نقطة ارتكاز لهذا التاريخ، تجسَّد فى نُضج الوطنية المصرية فى أبهى صورها، كأمة عريقة ضاربة فى الجذور.

لم تغب عن الأذهان فى هذا اليوم الأَغَرّ صورة «عناق الهلال والصليب» جنبًا إلى جنب مع هتاف «سعد سعد.. يحيا سعد»، والتى تمثل أبلغ صور التضامن والوحدة الوطنية ضد الاحتلال.

إن ثورة 1919 بقيادة سعد زغلول تعد واحدة من «أعظم الثورات المصرية»، خصوصًا أنها أثَّرت فى مجريات الأمور بمحيط مصر العربى، حيث أعقبتها ثورات العشرين فى العراق، والريف المغربى، وسوريا الكبرى.. ومن ثمَّ بدأت رحلة استقلال الأقطار العربية.

فى ثورة 1919 خرجت جميع طوائف الشعب، حيث شارك فيها العمال والموظفون والطلبة والفلاحون، والمرأة، كما شهدت تلاحمًا كبيرًا بين مسلمى ومسيحيى مصر، ففيها اعتلى القمص سرجيوس منابر الأزهر الشريف من أجل إلقاء خطبة فى المحتشدين بالجامع، كما أرسل الأزهر عددًا من الشيوخ ليخطبوا فى الكنائس المصرية، ويتصدر المشهد شعار «الدين لله والوطن للجميع».

إرهاصات الثورة بدأت فى 13 نوفمبر 1918، عما توجُه ثلاثة من السياسيين المصريين إلى المعتمد البريطانى «السير ونجت»، بعد أن أبدوا رغبتهم فى مقابلته، ليتحدثوا عن مستقبل مصر.. ومع رفض المعتمد البريطانى لحديث سعد زغلول باسم الشعب، بدأ حزب الوفد بتجميع وتوقيع عرائض من الشعب لتفويض سعد ورفاقه للحديث باسم المصريين.

واجهت سلطات الاحتلال الحملات الواسعة للتوقيع على التوكيل، ثم كان اعتقال سعد ورفاقه (حمد باشا الباسل، ومحمد باشا محمود، وإسماعيل صدقي)، وتم نفيهم إلى مالطة فى 8 مارس 1919، وهى الشرارة التى أشعلت الاحتجاجات، وسرعان ما انتشرت كالنار فى الهشيم، واتسع نطاقها ليشمل كل أقاليم ومدن مصر.

بدأت أحداث الثورة فى صباح يوم الأحد 9 مارس 1919، بقيام الطلبة بمظاهرات واحتجاجات فى أرجاء القاهرة والإسكندرية والمدن الأخرى بالبلاد، وهتف الجميع بسقوط الحماية البريطانية، لتستمر مظاهرات الطلبة لأيام متتالية، تزامنًا مع إضراب العمال السائقين، حتى تعطَّلت جميع المصالح الأخرى فى البلاد.

أغلقت المحال التجارية والبنوك، وتبع إضراب السائقين إضراب المحامين والقضاة، ثم إضراب عمال السكك الحديدية فى 15 مارس، وفى اليوم التالى شاركت السيدات المصريات فى المظاهرات للمرة الأولى، ثم كانت الثورة فى الأقاليم أكثر حدَّة، إذ شارك فيها الفلاحون جنبًا إلى جنب مع إضراب العمال.

إن ثورة 1919 تعد بحق ثورة شعبية أصيلة، خرجت من القرى والكفور قبل أن تخرج من المدن والبنادر.. انطلقت من الأزقة والشوارع قبل أن تنطلق من الشوارع والميادين الواسعة، وكادت المظاهرات أن تبدأ وتستمر ثم تنتهى فى القاهرة لولا ما حدث فى المحافظات، والتى نقلها من مفهوم المظاهرات إلى الثورة الشاملة.

[email protected]