رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

«الأحوال الشخصية» فى مصر القديمة كانت منحازة للمرأة، النساء يتزوجن بمن أردن، ويستطعن الطلاق متى أردن، كانت النساء قادرات قانونيا فى كل جوانب حياتهن، لم يحتجن لمواقعة الرجال لمتابعة أى فعل، لم تكن هناك وصمة عار متصلة بالطلاق على الرغم من تفضيل الزواج مدى الحياة.

أى شخص حر كان له الحق فى الزواج سواء كان فقيرا أم غنيا، لم يكن الزواج مسألة دينية فى مصر- لم يقع أى حتفال يشمل كاهنا- وإنما ببساطة كان عرفا اجتماعيا يتطلب اتفاقا بمثابة عقد، يتفاوض بشأنه الخاطب مع عائلة زوجته المحتملة، ويتضمن الاتفاق تبادل أشياء قيمة من قبل الطرفين. كان الخاطب يعرض مبلغا فى الوقت المناسب تحت مسمى «هدية العذرية» لتعويض العروس عما ستخسره.. عذرية الإناث العرائس كانت ثمينة فى العصور القديمة، لم تقدم هذه الهدية فى حالة الزواج مرة أخرى، وإنما يتم تقديم «هدية للعروس» فى المقابل تقدم عائلة العروس «هدية من أجل أن تصبح زوجة». فى العديد من الحالات، لم يتم تسليم هاتين الهديتين على الرغم من هذا، لكن فى حالات الطلاق يمكن لأى من الطرفين مطالبة الآخر بالهدية المتفق عليها.

اتفاقات قبل الزواج كانت فى مصلحة الزوجة، فإذا صدر الطلاق من الرجل، خسر كل الحق فى المطالبة بهداياه واضطر لدفع كمية معينة من المال كنفقة لمطلقته إلى أن تتزوج مرة أخرى أو تطلب ايقاف دفع النفقة. كانت حضانة الأطفال من حق الزوجة، وكذلك ملكية المنزل، ما لم تكن مملوكة من قبل عائلة الزوج.

وسائل منع الحمل والاجهاض كانت متاحة للسيدات سواء المتزوجات أو غيرهن، فبردية ايبرس الطبية منذ ما يقرب من 1542 قبل الميلاد، تحتوى على مقطع بشأن تحديد النسل، وهى عبارة عن وصفة لجعل المرة تتوقف عن الحمل لعام أو اثنين أو ثلاثة، وكانت الوصفة تتم بواسطة طحن كمية معينة من بلح السنط وبعض العسل وبلل بذور خشبية بالخليط!

تصور النقوش واللوحات الأزواج وزوجاتهم يأكلون، ويرقصون، ويحتسون الشراب، ويعملون فى الحقول معا. وعلى الرغم من أن الفن المصرى مغالٍ فى المثالية، إلا أن الكثيرين تمتعوا بزواج سعيد وبقوا معا مدى الحياة.

كانت قصائد الحب قديما شائعة للغاية فى مصر للإشادة بجمال وحسن المحبوبة أو الزوجة والتعهد بالحب الأبدى فى عيادات تشبه لحد كبير كلمات أغانى الحب المعاصرة مثل: «لن ابتعد عنك أبدا».. «ستبقى يدى فى يدك».. «سأتنزه معك فى كل الأماكن المفضلة»، ويلقى هذه القصائد كل من الذكور والإناث متناولين جميع جوانب الحب الرومانسى، واستمتع المصريون بأبسط جوانب الحياة ولم يتوجب أن يكون المرء من العائلة الملكية للاستمتاع بصحبة محبوبته، زوجته، عائلته، أو أصدقائه.

مع ذلك، لا يمكن نكران أن الملوك المصريين حظوا بعيشة هنيئة وأن العديد من الملكات تمتعن بترف هائل. وقصر الملك امنحتب الثالث امتد إلى ما يعادل 300 ألف متر، كان مزودا بغرف مؤتمرات، حجرات للجماهير، غرفة العرس، قاعة استقبال، قاعة حفلات، مكتبات، حدائق، مطاهٍ، ومكان مخصص لحريم الملك، ومعبد للإله آمون.

عالمة المصريات سالى آن أشنون، كتبت فى عالم يهيمن عليه الفرعون الذكر: من الصعب استيعاب دور الملكات المصريات بشكل كامل فقد حظى الفرعون بعدد من الملكات لكن أهمهن ارتفعت لتكون الزوجة الرئيسية.

اختلف دور المرأة الرئيسية أو العظيمة تبعا للفرعون. ففى حالة الملكة «تي» زوجة الملك «أمنحتب الثالث»، عادة ما اشتركت فى أمور الدولة، عملت دبلوماسية، وحتى كتب اسمها على خرطوشة مثل الملك. و«نفرتيتي» زوجة اخناتون، اهتمت بأمور العائلة بالإضافة لمساعدة زوجها فى إدارة الدولة، وعندما تخلى زوجها بشكل أساسى عن واجباته كفرعون ليركز على دينه التوحيدى الجديد تكفلت هى بمسئولياته.

كانت مكانة المرأة فى مصر سابقة لأى عصر فى تاريخ العالم، فى بداية الخليقة، عندما حكم أوزيريس وإيزيس العالم فى سلام وعدالة، يقال إن إيزيس منحت هدايا للبشرية من ضمنها المساواة بين الرجل والمرأة، وتتجسد هذه الأسطورة فى المكانة العالمية التى تمتعت بها المرأة فى تاريخ مصر.

وكانت مكانة المرأة فى مصر حينها سابقة لعصرها، كانت مكانتها راقية بشكل كبير مقارنة بأى وقت آخر فى تاريخ العالم، فالنساء فى مصر القديمة حظين بحقوق أكثر مما تحظى بها الكثير من النساء حاليا.

استمرت المساواة واحترام المرأة فى العصر البطلمى، وتعد كليوباترا السابقة، آخر ملكات مصر قبل الميلاد من بين أفضل ممثلى المساواة التى حظيت بها النساء، فقد حكمت الدولة بشكل أفضل من الذكور السابقين.

تجاوزت المرأة المصرية فى التاريخ الفرعونى هذه المكانة حتى وصلت لدرجة التقديس، فظهرت المعبودات من النساء إلى جانب الآلهة الذكور، بل إن إلهة الحكمة كانت فى صورة امرأة، والإلهة ايزيس كانت رمزا للوفاء والإخلاص.

وكانت المرأة المصرية تحيا حياة سعيدة فى بلد يعتبر أن المساواة بين الجنسين فيه أمرا طبيعيا، ووصفت الحضارة الفرعونية أول التشريعات والقوانين المنظمة لدور المرأة وأول تلك التشريعيات تشريعات الزواج أو الرباط المقدس، من حيث الحقوق والواجبات القائمة على الاحترام المتبادل بين الزوج والزوجة باعتبارها هى ربة البيت والمتحكمة الأولى فيه.