رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

ما بين عالقين على الحدود وعالقين تحت الانقاض، تفاقمت الأزمة الانسانية التى يعشها الشعب السورى منذ 12 عاما على أثر الزلزال المدمر الذى ضرب شمال سوريا وتسبب فى مقتل الآلاف وتشريد الملايين وهدم مئات المنازل، وحصار مئات الآلاف تحت الانقاض، ومحو مجتمعات بأكملها، ولم يصبح لها وجود، مازال المجتمع الدولى يفكر ويفكر، ويشاهد الفيديوهات الدامية التى تروى مأساة شعب تعرض لامتحانين فى غاية الصعوبة، لا ناقة له فيها ولا جمل، من خلافات السياسة، إلى ثورة الطبيعة.

يفكر العالم وعلى رأسه القوى العظمى فى وقف العقوبات على سوريا لانقاذ الضحايا الأبرياء من أطفال وكبار السن، وأمهات وعجائز مازالوا يتنفسون تحت التراب، ودفن أبرياء يتساءلون بأى ذنب قتلوا، وتقديم وجبات وغطاء لمرضى وجوعى أنهكتهم الحروب الأهلية، وجرفتهم الزلازل التى شاهدها العالم وهو مسترخ أمام أجهزة التدفئة، وسط أجواء شتوية قاسية ولكنها ليست أشد من قسوة فقد الأمان والاطمئنان والسكن والأهل، وليست أصعب من بكاء طفل يقبض على يد والدته المتوفاة تحت الأنقاض، وأب يبكى على أطلال منزله الذى فقد فيه الأحبة من أسرة كانت تعيش رغم ويلات الحروب وتحلم بإنسانية المجتمع الدولى، ويطالبه بأن يتوقف عن الكيل بمكيالين فى أشد المواقف انسانية، وأن يتعامل مع المأساة بعين الرحمة.

المعاناة الناجمة عن تلك الكارثة الطبيعية والتى تمثلت فى صعوبة وصول المساعدات الإنسانية التى بادرت بها بعض الدول العربية إلى المناطق المنكوبة بسبب خضوعها لسيطرة جماعات متشددة معارضة للحكومة السورية، فالمعاناة من الزلزال أضيفت إلى معاناة شعب يعانى بالفعل من ويلات حرب أهلية، ومعدلات غير مسبوقة من الفقر والحرمان، ومن الخدمات الأساسية والبنية التحتية، بالإضافة إلى انتشار الكوليرا.

فسوريا منذ مارس 2011 تعيش حربا أهلية تشارك فيها عدة أطراف دولية وهى حرب تدور بالدرجة الأولى بين الحكومة السورية وقوات المعارضة المسلحة إلى جانب التنظيمات المتشددة. ترتب على هذه الحرب أضخم أزمة نزوح فى العالم، حيث اضطر أكثر من 13 مليون شخص سورى إلى الفرار خارج البلاد أو النزوح داخل حدودها، يعيش معظمهم فى حالة من الفقر، أمهات غير متزوجات، أطفال يعيشون دون وجود من يرعاهم، أشخاص من ذوى العاقة. وتحتاج الدول القريبة منهم والتى قامت بإيوائهم إلى دعم دولى مستمر، حيث استضافت حوالى 6 ملايين لاجىء، تسببوا فى شدة المنافسة على فرص العمل، ورفع أسعار السلع الاستهلاكية، وانخفاض فرص الحصول على الخدمات العامة، وزيادة انتشار عمالة الأطفال.

تحولت أزمة اللاجئين السوريين إلى واحدة من أكبر وأطول وأعقد حالات الطوارئ الإنسانية، وأصبح الأمر فى حاجة ماسة إلى وجود حلول سياسية من أجل وضع حد للمعاناة، وزيادة فرص إعادته تطوين اللاجئين، وتقديم الدعم لهم ولمضيفيهم.

كما تحتاج أزمة الزلازل إلى تضافر كافة جهود المجتمع الدولى لتقديم المساعدات العاجلة للمنكوبين، وتوفير مأوى للأسرة التى تعرضت للتشرد. وأن يكون هناك فصل تام بين الأزمة السياسية التى تشهدها سوريا والتى تعرضت بسببها لعقوبات دولية، وبين الأزمة الإنسانية التى يعيشها منكوبو الزلازل والمشردون بسبب الخلافات السياسية، والذين سيظل مصيرهم وعملية انقاذهم فى رقبة المجتمع الدولى.

وإذا كانت الطبيعة قد قست على المواطنين فى مناطق شمال سوريا المنكوبة، فيجب أن تكون يد الإنسان قريبة من قلوب الملهوفين الذين فجأة وجدوا أنفسهم تحت الأنقاض، وأصبحت مسئولية انقاذهم تقع على الجميع دون تشف فى حكومات، ولا ربطها بسياسات لأن الإنسانية مجردة من الأطماع ومن التسلط، وتتحقق بمساعدة الأقوياء للضعفاء كحق من حقوق الإنسان.