رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

الله يرحم، ويسامح، أستاذنا وكاتبنا الكبير أنيس منصور، فقد كان من أوائل الذين روجوا لحكاية أن آخرين غير المصريين قاموا ببناء أهرامات الجيزة وغيرها من آثار ورحلوا إلى الفضاء مثلما جاءوا!

ولا أقول إنه الوحيد الذى قال بذلك فقد سبقوه كثيرون، ولكنه كان فى مقدمة أو أشهر من أشاعوا هذا الادعاء فى منطقتنا العربية.. وقد تلقفته دول ومنظمات ونشرته فى العالم واستخدمته كدليل، تطبيقًا لمقولة وشهد شاهد من أهلها، على أن آخرين هم الذين بنوا الحضارة المصرية غير المصريين.. ولكنهم استبدلوا اليهود بالفضائيين مرة.. وبالأفارقة مرة أخرى!

وكرر هذه الادعاءات فى روايات وحكايات مختلفة العشرات من المغامرين والمهووسين بالحضارة المصرية القديمة فى العالم.. حتى البعض قال إن فريقًا من الجن هبط من السماء وقام ببناء هذه الحضارة وعاد إلى السماء.. ولا أعرف لماذا الجن لم يسكن حضارة بناها ويعود إلى السماء؟.. وآخر هذه النكت البايخة قالها ممثل كوميدى أمريكى من أصول إفريقية اسمه لمن لا يعرفه كيفن هارت، يتبنى ويروج نفس الروايات المضحكة حول أن الحضارة المصرية القديمة بناها ملوك من أفريقيا، وشاركوا فى بناء أهرامات الجيزة!

وكان هارت هذا قد ذكر فى تصريحات سابقة عن مصر: «يجب أن نعلّم أولادنا التاريخ الحقيقى للأفارقة السود البشرة عندما كانوا ملوكًا فى مصر، وليس فقط حقبة العبودية، التى يتم ترسيخها فى المنهج التعليمى الأمريكي»!

وبالطبع لم يسكت عالم المصريات ووزير الآثار الأسبق زاهى حواس، فقد واجه مثل هذه الادعاءات عشرات المرات فى داخل المنطقة وخارجها، فهو يعتبر نفسه واحدًا من حماة هذه الحضارة ليس لأنه يعشقها.. فالعشاق كثر.. وليس لأنه مكتشف الكثير منها.. فالمكتشفون أكثر.. ولكن لأنه أحد أبنائها المخلصين ومن واجب الابن أن يرعى ويحمى إرث العائلة التى هى فى نفس الوقت إرث الحضارة الانسانية!

ربما يرى البعض رأى هذا الفنان الأفروأمريكى نوع من الهزار والهزل مثل تمثيله.. ولكن الحقيقة أنه مجرد أحد الببغاوات الذين يكرروا أفكارًا مزورة لحركة عنصرية اسمها «المركزية الإفريقية»، والتى تدعى أن الحضارة المصرية القديمة من صنع الأفارقة الذين كانوا ملوكًا على مصر، وأن المصريين ليسوا سوى أحفاد الإغريق واليونانيين الذين استولوا على مصر وطردوا شعبها الإفريقى إلى عمق إفريقيا.. وهذه «المركزية الإفريقية» كانت قد ظهرت فى القرن التاسع عشر كرد فعل لظهور حركة فكرية عنصرية أخرى فى بداية عصر النهضة بأوروبا اسمها «المركزية الأوروبية»، حيث قال المفكرون الأوروبيون فى هذا العصر إن الحضارة الإغريقية واليونانية هى أم الحضارات وأصل التقدم والعلوم فى العالم، وأنكروا أى دور للحضارة المصرية وحضارات الشرق القديم، وقالوا إنهم مجرد شعوب بدائية واندثرت!

ومع شعور الأفارقة الأمريكيين بالاضطهاد والقهر واستلاب حقوقهم اجتماعيًا ونفسيًا منذ زمن العبودية وحتى الآن.. يصحو كل فترة بعض أنصار «المركزية الإفريقية»، ويرددون نفس الادعاءات بأن الحضارة المصرية القديمة إفريقية الأصل.. وكان آخر هؤلاء «هارت» الذى كان يجب أن يحاول أن يحصل على حقوقه كمواطن أمريكى حر.. بدلا من أن يكون حرامى بسرقة حضارة المصريين!

ولذلك.. فإننى مع دعوة رواد وسائل التواصل الاجتماعى المصريين إلى إلغاء حفل كيفن هارت الكوميدي، الذى أعلن عنه هارت عبر حسابه الرسمى على تويتر، والمقرر إقامته فى فبراير العام المقبل فى القاهرة.

[email protected]