رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

البداية الحقيقية لأول مجلس نيابى فى مصر بدأت عام 1824 بتكوين المجلس العالى، بدأ هذا المجلس بـ24 عضوًا تم اختيار بعضهم بالانتخاب، ثم صار عددهم 48 عضوًا بعد إضافة 24 شيخًا وعالمًا إليه، وبذلك أصبح يتألف من نظار الدواوين، ورؤساء المصالح، واثنين من العلماء يختارهما شيخ الأزهر، واثنين من التجار يختارهما كبير تجار العاصمة، واثنين من ذوى المعرفة بالحسابات، واثنين من الأعيان عن كل مديرية من مديريات القطر المصرى ينتخبهما الأهالى.

وفى يناير 1825 صدرت اللائحة الأساسية للمجلس العالى، وحددت اختصاصاته بأنها مناقشة ما يراه أو يقترحه محمد على فيما يتعلق بسياسته الداخلية.. وقد تضمنت اللائحة الأساسية كذلك مواعيد انعقاد المجلس وأسلوب العمل فيه.

وكانت مصر قد شهدت أول ثورة ديمقراطية ناضجة فى العصر الحديث.. وهى الثورة التى قادها علماء الأزهر واشتركت فيها كل فئات الشعب.. وقام قادة هذه الثورة بتنصيب محمد على باشا واليًا على مصر باسم الشعب دون انتظار لقيام السلطان العثمانى بإرسال والٍ من قبله. وتمت مبايعة محمد على حاكماً بشروط الشعب التى تتضمن الفكرة القائلة بأن الأمة مصدر السلطات.. حيث نصت هذه الشروط على أنه تم الأمر بعد المعاهدة والمعاقدة على سيره بالعدل وإقامة الأحكام والشرائع والإقلاع عن المظالم وألا يفعل أمرًا إلا بمشورة العلماء وأنه متى خالف الشروط عزلوه. وعقب استقلاله بحكم مصر.. بدأ محمد على ثورة إدارية شاملة لإقامة مؤسسات حكم حديثة، بما فيها إقامة مجلس نيابى تمثيلى حديث وهو المجلس العالى.

قيمة مصر جعلتها تقدم أقدم التشريعات فى تاريخ الإنسانية، حيث قدمت أقدم النظم التشريعية والإدارية. فقد شهدت أقدم حكومة منظمة شيدت الحضارات الإنسانية العظمى وعلى مدى العصور تعاقبت الحضارات المصرية الشامخة وازدهرت استنادًا إلى أسس قوية راسخة فى نظم وفنون الحكم والإدارة.

فقبل نحو 5200 عام، استطاع الملك مينا مؤسس الأسرة الفرعونية الأولى توحيد الوجهين القبلى والبحرى فى مصر فى دولة موحدة، ووضع أقدم النظم التشريعية فى التاريخ الإنسانى، واتخذ من مدينة منف عاصمة ومركزًا إداريًا لأول دولة مركزية موحدة فى التاريخ، تمتلك جهازًا منظمًا فى الحكم والإدارة والقضاء والتعليم والشرطة والجيش.

وعقب دخول الإسكندر الأكبر مصر عام 330 قبل الميلاد، بدأ الحكم اليونانى لمصر، وبعد وفاة الإسكندر الأكبر جاءت فترة الحكم البطلمى ثم الرومانى.. ورغم قسوة الحكم الرومانى فقد استطاع المصريون الحفاظ على معظم تقاليدهم ونظمهم وعاداتهم حتى دخلت المسيحية مصر فى النصف الأول من القرن الأول الميلادى.

وفى العصر الإسلامى استمرت نظم الحكم والتشريع من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، استنادًا إلى مبدأ الشورى الذى يعد أحد المبادئ الأساسية فى نظم الحكم فى الإسلام.

وقد شهدت مصر فى السنوات الأخيرة من القرن الثامن عشر تطورات سياسية واجتماعية هامة على مستوى الفكر والممارسة. ففى عام 1795، وبعد أقل من ست سنوات على الثورة الفرنسية، شهدت القاهرة انتفاضة اجتماعية سياسية كبرى من أجل الحقوق والحريات وسيادة القانون، برزت فيها بصورة قاطعة مواقف القوى الوطنية والقيادات الشعبية من قضايا الشعب، وتبنت فيها طلائع هذه القوى المطالب الوطنية فى العدالة والمساواة والحرية.

ففى إطار تصاعد المقاومة الشعبية ضد الوالى العثمانى والمماليك. كانت مصر على شفا ثورة شعبية هائلة أفضت إلى انتزاع العلماء والزعامات الشعبية حجة مكتوبة من الوالى العثمانى والمماليك، وكانت هذه الحجة بمثابة «ماجنا كارتا» مصر الأولى، حيث تطلعت إلى وضع ضوابط واضحة للعلاقة بين الفرد والسلطة بشأن عدم فرض مغارم أو ضرائب بغير موافقة علماء الأزهر بوصفهم ممثلى الشعب.

و«الماجنا كارتا» تعنى الميثاق الأعظم وهى وثيقة إنجليزية صدرت عام 1215، وقد صاغها النبلاء البريطانيون فى القرن الثالث عشر الميلادى بهدف تقليص صلاحيات الملك ونفوذه وقدرته على الانفراد بالحكم.