رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

 

 

 

عندما يفرق أب بين أولاده، يصطفى ولدا على آخر ويخصه بالتدليل وقضاء كل ما يحتاج إليه، أقل ما يشعر به الابن المنبوذ المهضوم الحق هو الغضب، ولن أقول الكراهية لوالده، وسيتمرد عليه ويعصاه، وسيحاول أن يستفزه وينتقم منه بقدر ما تمكنه قدراته، وسيتولد لديه شعور داخلي برغبة الثأر لنفسه، بل سيتحول الأمر إلى كراهية لأخيه، وسيكيد له كيد أخوة يوسف ليوسف، رغم أن الأخ لا ذنب له في الامتيازات والمفاضلة التى يفوز بها من والده.

 هذا تماما ما يحدث بين المواطنين، فئات تحصل على حقوقها وخدماتها بسهوله ويسر، لأن لها سلطة، نفوذا، تحتل مراكز هامة بالمجتمع، وفئة عظمى لا تحصل على حقوقها إلا بشق الأنفس، ولف «السبع دوخات» أو «كعب داير»، ولا تتمكن من تسيير خدماتها وقضاء مصالحها إلا بالواسطة، أو دفع الإكراميات والشاى «الرشوة»، وهو ما أشدد انه يضاعف الأعباء على كاهل الموطنين ماليًا ونفسياً، ويعقد ويسود حياتهم.

وقد سقت فى مقالى السابق عدة أمثلة حياتية تواجه المواطن، ويضطر من خلالها للبحث عن واسطة، أو دفع الرشوة ليقضى مصالحه، وأضيف إليها مثلًا هامًا يعانى منه عدد هائل من أبناء الشعب، إذ تصلهم فاتورة الكهرباء أو المياه بقيمة مبالغ بها، ما يدل على وجود خلل ما بالعداد هذا أو ذاك، ويطلب احدهم من الشركة المعنية فنيا للمعاينة، ويقدم شكوى للتضرر من قيمة الفواتير، ولكن لا «يعبره» احد، وينتظر شهورًا طويلة وهو يغلى من الغضب من الفواتير ومن «طناش» المعنيين وعدم التفاتهم لمشكلته أو النظر فى شكواه كمواطن له الحق، إلى أن يجد واسطة تنهى له المشكلة، هل يعقل هذا؟

وأتحدى عن ثقة، أن يوجد بيت واحد فى بلدنا، لم يلجأ فرد به أو اكثر به للبحث عن واسطة لنيل حق من حقوقه، بعد أن «عقرب» المسئولون السبل الطبيعية والمشروعة أمام قضاء أموره ومصالحه، وحشدوا أمامه كل بيروقراطية العالم، كثيرون يبحثون عن الوساطة ويجدون، وكثيرون أيضًا لا يجدون الواسطة وينتمون لفئة «لينا ربنا يا بيه»، ويرفعون أكفهم للسماء بالدعاء على من ظلم حقهم، وعطل مصالحهم، وسود حياتهم بالتعقيدات.

وإذا كانت الحكومة قد اطلقت منظومة للشكاوى الحكومية الموحدة لحل مشاكل المواطنين، فهذا جزء من الحل وليس حلا جذريا، إذ يجب أن تحل مشاكل المواطنين مباشرة ومن المنبع، فكيف لا تقوم وزارات وجهات هامة بعملها لخدمة الموطنين، فيلجأ هؤلاء إلى الشكوى للحكومة، ويكفى الإشارةإلى  أن المنظومة تلقت 127 ألف شكوى واستغاثة فى أكتوبر المنصرم فقط، منها 65% تختص بها وزارات خدمية هامة للمواطن وهى التموين والتجارة الداخلية، والتضامن الاجتماعى، والإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، والصحة والسكان، والداخلية، والتربية والتعليم والتعليم الفنى، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والكهرباء والطاقة المتجددة.

أيها المسئولون ارحموا المواطنين، قوموا بأعمالكم، افتحوا أبوابكم المغلقة، حلوا مشاكلهم، استمعوا لهم، ليس من المقبول أن نبنى مصر الجديدة، والشعب يئن فى تحت وطأة الواسطة والنفوذ والمحسوبية وتلال من الفساد، شخصيا وبقدر سعادتى حين يقدرنى الله على حل مشاكل بعض المواطنين البسطاء والعاديين من خلال عملى وعلاقاتى، بقدر حزنى، أن هؤلاء لم يتمكنوا كونهم مواطنين عاديين من الوصول للمسئولين وحل مشاكلهم مباشرة، ولا اعرف كيف ينام المسئولون ملء جفونهم مع كل هذا التقاعس.

 احذروا عقاب الله، ودعوة المقهور والمظلوم وضائع الحق، هؤلاء الذين ليس لهم إلا الله ليلجأوا إليه وقد سددتم أمامهم أبواب القضاء والرحمة.

 

[email protected]