رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بموضوعية

الكلمات الثلاث السابقة هى خلاصة تقرير موسع للبنك الدولى حاول فيه استشراف مستقبل الاقتصاد العالمى على ضوء التطورات الجارية على الصعيدين السياسى والاقتصادى.

بوضوح شديد، العالم مقبل على مشهد اقتصادى مأزوم لن يكون فيه فائز ومهزوم، بل الكل سيكون مهزوماً.

صحيح أنه فى ظل الأزمات الكبرى تحاول كل دولة الدفاع عن مصالحها بكل ما أوتيت من قوة، والتى تتعارض بطبيعة الحال مع مصالح دول أخرى، وهنا ترتفع مستويات الصراع الدولى، وقد تنجح بعض الدول فى تحقيق بعض مصالحها أو حماية شعوبها من الآثار المدمرة لمثل هذه الأزمات الكبرى، لكن تبقى الحقيقة التى يدور حولها تقرير البنك الدولى، وهى أنه ما لم يحدث تعاون وتنسيق دولى بدرجة ما للتعامل مع الأزمة الحالية، فإن الوضع مرشح لمزيد من التدهور الذى لن تنجو منه دولة واحدة على كوكب الأرض.

أبسط مثال على ذلك ملف الصراع حول أسعار وإمدادات الطاقة باعتباره سبباً ونتيجة للأزمة الراهنة.

فالدول المنتجة للنفط والغاز تسعى لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من اضطرابات الإمدادات العالمية بفعل الحرب الروسية الأوكرانية، ومن ثم تسعى هذه الدول للوصول إلى سعر تراه من حقها، بينما على الجانب الآخر ترى الدول المستهلكة أن هذه السياسة تصب المزيد من الزيت على النار لأنها تغذى التضخم العالمى مع كل ارتفاع سعرى لبرميل النفط، وبالتالى تزداد الأزمة عمقاً نتيجة الركود المتوقع وتزداد اتساعاً لتشمل مئات الملايين حول العالم الذين سيضطرون لدفع أموال أكثر مقابل بنزين سياراتهم أو تدفئة منازلهم ما ينعكس سلباً على مستوى معيشتهم.

هنا يبدأ صراع المصالح المتعارضة الذى يحذر منه تقرير البنك الدولى، ومن ثم يدعو عقلاء العالم إلى مزيد من التعاون والتكاتف فى مواجهة الأزمة.

قد يرى البعض أن هذه نظرة رومانسية من جانب من وضعوا التقرير وتوصياته، وقد يراها آخرون ازدواجية معايير تحركها مصالح الدول الكبرى التى تتضرر الآن من ارتفاع أسعار النفط، وأنه لو كان الوضع معكوساً بمعنى لو كان هذا النفط تنتجه الدول الكبرى ما كانت قد دعت لمثل هذه الدعوة التى تغلفها بمبادئ أخلاقية مصطنعة.

بعيداً عن كل ذلك يركز التقرير على ما أسماه «الأسوأ» الذى لم يأتِ بعد متوقعاً تراجعاً كبيراً فى معدلات النمو العالمى ودخول الاقتصادات الكبرى فى مأزق الركود التضخمى ومن ثم فقدان الوظائف وانتشار الفقر الذى سيكون نصيب دول الجنوب الفقيرة منه كبيراً.

الأسوأ لن يكون ارتفاعاً جنونياً فى الأسعار فحسب، أو أزمات غذائية تضرب مجتمعات مستقرة نسبياً أو نقصاً فى بعض السلع، بل الأخطر هو اضطراب ماكينات العمل والتوظيف وفقدان الدخول التى لا تكفى الناس حالياً فما بالنا لو اختفت هذه الدخول الشحيحة بفعل البطالة والركود القادمين.

الخلاصة هى أن على الجميع دولاً وشعوباً أن يتبصر حاله، ويستعد لما هو قادم، وأبسط استعداد هو بذل المزيد من الجهد والعرق والعمل وإعادة النظر فى بنود إنفاق لم يعد لها معنى، والتخلى عن ثقافة الاستهلاك التى دمرت معظم المجتمعات المعاصرة، وجعلت الفرد يدور فى دائرة مفرغة من أجل الحصول على أشياء لو فكر فيها بهدوء سيجد أن حياته ربما كانت أفضل قبل الحصول عليها.

لقد حانت لحظة الحقيقة.

[email protected]