رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عادت أجراس المدارس لتدّق في جميع أنحاء الجمهورية؛ لتعيد إلى أذهاننا ذكريات الطفولة المبهجة، وتبعث الأمل في نفوس صغارنا بانطلاق عام دراسي جديد كخطوة في مشوارهم التعليمي الطويل.

لم يمض أكثر من ثلاثة أيام، حتى أحيلت البسمات المرسومة على وجوه الطلاب إلى عبوس وذعر، وتحولت بهجتنا إلى حزن وحداد، لفقدان زهرتين من ربيع الطفولة داخل المدرسة، وانتقالهما إلى رحمة الرفيق الأعلى.

ماتت الطفولة في "بيت الطلاب الثاني" قبل انطلاق العام الدراسي- نتيجة الإهمال والاستهتار بأرواح البشر، فكل نفس زهقت ذهبت معها نفوس أخرى، ماتت وهي لا تزال على قيد الحياة.

استعدت المديريات التعليمية للعام الدراسي الجديد، بإعداد تقارير شاملة ووافية تحمل شعار "كله تمام" بعد أن تلقت مثيلتها من الإدارات، لرفعها لوزارة التربية والتعليم حتى تعلن جاهزية جميع المدارس لاستقبال الطلاب.

شاءت الأقدار أن تنكشف حقيقة تلك التقارير الزائفة، فانهار سور سلم مدرسة "درابزين" في كرداسة لتستشهد طالبة، وتصاب 15 أخريات. وفي اليوم التالي، شهدت مدرسة ابتدائية في العجوزة سقوط طفلة جثة هامدة من الدور الثالث العلوي بعد تسلقها سور لا يتعدى ارتفاعه 60 سنتمترًا!

ربما كانت الحجارة الصامدة أرحم على الضحية الأولى من البشر، فأراحتها من جحيم الحياة، الذي كان ينتظرها، وسط حالات الإهمال المتشعبة في المدارس والمستشفيات؛ لتنهش لحوم الفقراء ومتوسطي الدخل، وتشعرهم بالعجز وقلة الحيلة المدمرة.

لم يكن لهما أي ذنب سوى أنهما ذهبا لتلقي العلم في محراب المدارس الحكومية، لأن القدر كتب لهم النشأة وسط أسرة غير قادرة ماديًا على تعليم أبنائها في المدارس الخاصة والدولية، التي أصبحت فقط لمن يستطيع إليها سبيلًا!

الآن قلوبنا ترتعد خوفًا من أن نصحو على خبر أسود جديد، تزيد من هواجسنا وقلقنا على أبنائنا، نخشى أن نفقد فردًا آخر من عائلتنا المصرية داخل المدارس الحكومية، فمع فقدان كل طفل تعتصر قلوب آلاف الآباء والأمهات.
 
حاولت وزارة التربية والتعليم تبرئة ذمتها بإحالة المسئولين للتحقيق، وصرف تعويض مادي مائة ألف جنيه لأسرة كل متوفاة، ولكن ألم يكن من باب أولى إنفاق تلك الأموال على إصلاح الأبنية وصيانتها قبل أن تقع الكارثة وتفجع قلوب المصريين كافة؟

أيها المسئولون في المدارس والإدارات والمديريات والدواوين التابعة لوزارة التربية والتعليم، استمروا على نهجكم الحالي، وادفنوا رؤوسكم في الرمال كالنعام، لنستيقظ جميعًا على فاجعة كبرى جديدة، تنتزع البراءة من قلوب صغارنا، وتغرس الألم في قلوب كبارنا.

لقد راحت الطفولة في غياهب الإهمال، وبراثن القيادات غير المسئولة. انتهكت البراءة، واهتزت مشاعر الطلاب، وغمر الخوف نفوسهم، فكل طالب يرى مصيره في الدم المسال على "الكراريس".. قتلوها جميعًا بتقارير "كله تمام".