عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

مؤخرًا.. انتشر على منصات التواصل الاجتماعى خبر نقل مبنى ماسبيرو الشهير للإذاعة والتليفزيون على كورنيش النيل إلى العاصمة الإدارية.. وكان خبرًا مقلقا، وزاد القلق عندما نشرت مواقع إخبارية معتبرة نفس الخبر، وأحدث ذلك ردود أفعال سلبية ما بين غاضبة وحزينة وغير مصدقة أن يهون على الحكومة بيع تاريخنا قطعة قطعة.. ومبنى وراء مبنى!

وماسبيرو.. مبنى تاريخى ليس رمزًا إعلاميًا فقط ولكنه واحد من أهم المعالم المصرية، وأيقونة ورمز للعاصمة القديمة، وجزء لا يتجزأ من الصورة البصرية للقاهرة، وفى الذاكرة الذهنية لكل زائر لها وخصوصا السياح بالطبع!

وخيراً.. فعلت الهيئة الوطنية للإعلام، عندما نفت ذلك فى بيان صحفى، مؤكدة بالنص: « إنه غير صحيح وأن المقر الحالى لمبنى ماسبيرو قائم كما هو، ومستمر فى تقديم كافة خدماته الإعلامية بشكل طبيعى، وباعتباره رمزا حضاريا وتراثيا، حيث إن الهيئة الوطنية للإعلام لديها مقر فى العاصمة الإدارية الجديدة شأنها كشأن كافة المؤسسات الحكومية للقيام بممارسة أعمالها من تغطيات إعلامية ونقل مباشر لكافة الأحداث والفعاليات التى ستشهدها العاصمة الإدارية».

وبالرغم.. من تأكيد بيان الهيئة أن ما تداولت به بعض صفحات التواصل الاجتماعى، بشأن توجه نقل ماسبيرو بالكامل إلى حى المال والأعمال بالعاصمة الإدارية، وتحويل المقر القديم إلى فندق عالمى ومولات تجارية، غير صحيح.. ومع ذلك القلق لم يزل بالكامل مع وجود كلمة « بالكامل» فى البيان!

ولا تصدقوا.. من يقولون إن كل شىء صالح للبيع فى الاقتصاد.. فهناك أشياء لا تقدر بمال وإلا كنا بعنّا الآثار.. والقول بأن مبنى هيئة الإذاعة البريطانية ( bbc) التاريخى تم بيعه ولم يأسف عليه أحد.. فهذه حقيقة يراد بها باطل.. لأنه ببساطة يوجد فى العاصمة لندن العديد من المعالم التاريخية العريقة على نهر التيمز ما هو أقدم وأشهر من مبنى الإذاعة، أما فى عاصمتنا لا يوجد على النيل ما يميزها سوى ماسبيرو وبرج القاهرة.. وأضيف حديثا مبنى وزارة الخارجية.. والبقية عمارات لا معالم لها!

المعالم.. هى تاريخ الدول غير المكتوب فى ذاكرة الناس.. أمريكا بكل ما فيها يظل تمثال الحرية أبرز معالمها، وفرنسا التى تمتلك من الاثار والقصور التاريخية الكثير، لا يعرفها أغلب الناس فى العالم سوى ببرج إيفل.. ونفس الشىء فى الهند والبرازيل والصين.. وكذلك دبى صنعت لها معلمًا تاريخيًا ببرج خليفة!

وأعتقد.. لازال الحزن يسكن قلوبنا على ضياع فيلا أم كلثوم، وقد أضاعها المسئولون فى وزارة الثقافة وقتها بالتراخى فى شرائها، وبرأوا أنفسهم واستراحوا وغسلوا آياديهم منها بتحميل ورثة الست مسئولية ضياع هذا المعلم الحضارى ببيعه طمعًا فى ثمنه.. وكان من الممكن أن تستثمر الوزارة أموالها الضائعة أساسًا فى مكافآت لجان وحوافز واضافى نفس المسئولين الذين أضاعوها، بشراء الفيلا وتحويلها إلى متحف يزوره عشاق كوكب الشرق من كل البلاد العربية والعالم.. وتكسب من ورائها الملايين!

والموضوع.. ليس موضوع تابوهات ولا أصنام نعشق عبادتها، ولا حتى مسألة الحفاظ على القيمة والقيم.. ولكننا لا نملك فعليًا وواقعيًا سوى التاريخ الذى يميّزنا عن غيرنا، هذا التاريخ هو موردنا الوحيد ودخلنا الدائم والمستمر.. فلماذا نبيع ماسبيرو مرة واحدة ونحن نستطيع بيعه آلاف المرات كل يوم ولكل زائر للقاهرة؟!

[email protected]