رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

طفولته المعذبة تشبه طفولة الكثيرين من أطفال فلسطين الذين اختطفتهم النكبة إلى المنفى، فكان ذلك الطفل الذي مشى على الشوك والحصى، حافي القدمين على درب الآلام من «ميرون» بفلسطين إلى «بنت جبيل» في جنوب لبنان، كان يمشي مع الجموع وينظر إلى الوراء، فيرى قريته تبتعد عنه، بقدر ما يبتعد عنها، حتى ضاق الأفق.

الكاتب العربي الكبير الراحل  محمد كعوش الأردني  الفلسطيني الأصل من قضاء صفد شمال فلسطين التاريخية المحتلة، اشتهر في الوسط الإعلامي والصحفي العربي «بعاشق مصر»، مدافعا عن  ثوابت ومبادئ أرض الكنانة ودورها الريادي في الوطن العربي، ومكانتها الحضارية.

واحد من جيل الصحفيين العرب الذين نهضوا في الخمسينيات اقتربت منه المناصب حتى لامست كتفيه، وهو زاهد فيها، قابض على جمر «صفد»، وفلسطين تسكن خلاياه، كما وصفه صديقه وزميله الفنان التشكيلي الأردني محمد الجالوس.

سجّل قناعته بأن هزيمة الفلسطينيين كانت ولا تزال بسبب عدم فهم الصهيونية كحركة سياسية فكرية عنصرية، وكمشروع اقتصادي استعماري استيطاني مدعوم من الغرب.

في الصحافة اللبنانية التي استقر فيها، كانت مجلة الحوادث هي مدرسة الصحافة التي تعلّم منها وفيها الكثير، فقد انتقل هو وعائلته من «مخيم المية ومية» إلى بيروت، ليتقدّم في مناصب تولاها، مدير تحرير، وهو منصب لا يحتله سوى صحفي نقابي لبناني، وكان الصحفي العربي الوحيد الذي أصدر له النقيب ملحم كرم كتاباً يسمح له العمل في الصحافة اللبنانية.

ينتمى إلى جيل الكتاب القوميين الكبار، الذين أخذوا على عاتقهم حراسة الحلم العربي، فقد ظل مخلصاً لتفاصيل هذا الحلم القائمة على التحرر والوحدة والتقدم، وكان شغله الشاغل  فلسطين، حيث تتبع منذ ستينيات القرن الماضي، قضيتها المتطورة المتشابكة .

تصدرت مصر كتابات الكاتب الكبير، منذ توليه مسؤولية تحرير صحف ومجلات في لبنان, ثم اثناء تواجده في ايطاليا، رئيسا لتحرير صحيفة الأيام العربية بروما, ثم خلال عمله  بالكويت مسؤولا  عن تحرير صحيفة الراي العام الكويتية وعودته للأردن  سكرتيرا لتحرير صحيفة الرأي ورئيسا لتحرير صوت الشعب و رئيسا لتحرير صحيفة العرب اليوم الأردنية وتخصصت مجلة الحصاد التي أسسها في الأردن، لمتابعة ودعم المواقف والسياسات المصرية.

حصل»كعوش»  على  الوسام الملكي الأردني  من الدرجة الأولى للريادة الصحفية, وحاز على جائزة افضل مقال صحفي سياسي  في المملكة الأردنية الهاشمية.

يقول عنه صديقه ـ الوزير والنائب الأردني السابق، ورئيس مجلس إدارة مؤسسة الدستور الصحفية ـ  محمد داودية:  كان «أبو يوسف» مهنيا معتدا واثقا، فهو القادم من الصحافة اللبنانية الحيوية,  صحافة الوطن العربي الأبرز التي كانت اسماء نجومها تسطع بلا منازع,  كان يعطي أرشق وأعمق عنوان «مانشيت» بسرعة وعفوية وتلقائية مذهلة.

لا اعتقد انه بادر بالاساءة الى مخلوق,  ولا اعتقد ان قلبه عرف شيئا اسمه الحقد او الكراهية, كان قلبه أطهر من أن يجعله اقليميا او طائفيا, تميز بسلام داخلي وخارجي نادر, كما كان متصالحا مع نفسه ومع محيطه الى درجة بارزة ناطقة باهظة.

ولأن مصر لا تنسى عشاقها تقيم مكتبة مصر العامة احتفالية ثقافية للكاتب العربي الكبير الراحل  محمد كعوش تقديرا لمواقفه الوطنية إلى جانب مصر، لمناقشة كتابه الذى لم يمهله القدر لإستكماله ويحمل عنوان «بوردة أو على جناحي فراشة»، متضمنا مواقفه العروبية الوطنية، وقد استحوذت مصر على النصيب الأكبر من صفحات الكتاب الذي سيوزع مجانا خلال الاحتفالية الثقافية التي ستقام بمكتبة مصر العامة، يوم الأربعاء 7 سبتمبر، من الساعة الخامسة  إلى الساعة السابعة مساء.

ولئن رحل «كعوش»  بانتهاء أجله المحتوم ، فإن الذى كان متمسكا به ها هو بين دفتى كتابه إرث خالد أبد الدهر رغم قسوة الزمن وتغيراته، وإذا حمل معاني الحراسة للحلم، فالشعب الفلسطيني وتضحياته، والعرب وتطلعاتهم، ستجعل من هذا الحلم واقعاً، وإن لم يتحقق حاليا فالمستقبل كفيل بذلك.

[email protected]