خارج المقصورة
يعتقد للوهلة الأولى من يتابع الواردات المصرية غير البترولية منذ سنوات طويلة، أن الاقتصاد المصرى يحيا فى رفاهية سرمدية، ويعتقد أيضاً أن الاقتصاد لا يعانى من أى أزمات، وشعبه أكثر شعوب العالم ثراء.. لعل ما ترصده البيانات والدراسات الإحصائية عن حركة الواردات والتبادل التجارى يؤكد هذا الاعتقاد الذى بات يسيطر على نسبة كبيرة من المتابعين.
دائما ما تبوح الواردات غير البترولية بالأرقام المتوافقة مع السائد لدى البعض بحقيقة الاقتصاد المرفه، وتبلغ قيمتها مليارات الدولارات، فغير المقبول أن يكون اقتصاد يواجه تلالا من الأزمات والصعاب، ورغم ذلك يعيش على الاستيراد الفاحش من الإبرة إلى الصاروخ.
على مر السنوات لم تفاجئنا الحكومات المتلاحقة بإيقاف «حنفية» استيراد كل شىء، سواء ضرورى مثل السلع الاستراتيجية، أو غير الضرورية مثل الملابس «الأندر» و«أستك» الفلوس، والتى كلفت وتكلف الدولة «شكاير» دولارات، وكان بالإمكان وقف كل ذلك بالتوسع فى المصانع القادرة على إنتاج كل ما يحتاجه السوق من سلع ومنتجات، ولكن هذا لم يحدث طوال القرون الماضية، وأهملت الصناعة والإنتاج بصورة أكثر.
حينما تبحث عن الأسباب الحقيقية وراء كل ما حدث ويحدث، يتبين أن السياسات الاقتصادية السابقة هى التى رسخت لهذه الثقافة الاستهلاكية القائمة على الاستيراد، خاصة أنه تم التوسع فى نظام التوكيلات التجارية، وكل رجل أعمال أو مستثمر هرول للحصول على توكيلات لمنتجات وسلع أجنبية، وفى لمح البصر تحول السوق المحلى إلى توكيلات «زى الرز»، وبالتالى تم فتح باب التصدير على مصراعيه، ومع التوسع والانتشار فى ذلك بدأ الإنتاج شيئا فشيئا يتراجع، ويتم الاعتماد على الاستيراد، بل وصول الأمر مع الوقت إلى خلق مافيا احتكار للعديد من السلع، وراح الجميع يبحث عن مكاسب وثراء «بالفهلوة» دون تعب.
لم تختلف أيضاً سياسة القطاع المصرفى، الذى ساعد هو الآخر على تعزيز ثقافة الاستسهال فى تحقيق المواطنين مكاسب من «الهوا» نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة «عمال على بطال»، وارتاح المستفيدون من وضع العوائد، وكانت بمثابة دعوى إلى الراحة وعدم العمل، والإنتاج، وهو «ما زاد الطين بلة»، ومع كل ذلك سادت فلسفة الاستيراد، والتوقف عن الإنتاج، ليزداد الأمر سوءا.
< يا="" سادة..="" غير="" مقبول="" أن="" يقوم="" اقتصاد="" دولة="" بإمكانيات="" ومقومات="" مصر="" على="" الاستيراد="" الذى="" تسبب="" فى="" أزمات="" لم="" تكن="" فى="" الذاكرة،="" ووضعته="" فى="" موقف="" لا="" يحسد="">