رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضوء فى آخر النفق

هل فكرت وأنت مع أطفالك فى أن تتحدث معهم عن ما جرى فى كنيسة المنيرة؟ هل طرأ على ذهنك أى أفكار يمكن أن تفتح بها حوارًا معهم حول حريقها المأساوى الذى فجعت مصر فيه، بفقد أكثر من أربعين مصريًا وأصيب فيه عشرات المصلين كانوا يشهدون القداس الأسبوعى؟ هل جال بذهنك أن هذا الحادث يمكن أن يكون مدخلا للحديث عن الوحدة الوطنية، التى نبحث عن تجلياتها الكبرى والحقيقية منذ بزوغها فى ثورة ١٩١٩.. والتى حملت شعار الهلال والصليب.. شعار حزب الوفد منذ ذلك التاريخ؟ هل فكرت أن جرعة محبة تسرى عبر مخيلة هؤلاء الصغار، يمكن أن تكبر بنفوسهم ووجدانهم فى المستقبل، فتكون هى طوق النجاة الدائم الذى يعصم المصريين من الزلل، إذا وقع اختبار لوحدة وتماسك النسيج المصرى بلونيه المسيحى والإسلامى؟ هذه الاسئلة فرضت نفسها على عقلى، فى لحظة ابتعاد جغرافى طارئ عن أطفالى.. كنت أشعر بأن كلامى معهما على البعد ينقصه شىء.. وبعصف ذهنى حاد، وانشغال كبير بالتفسير أدركت جوهر هذا النقص. 

رغم الأحداث الهائلة التى مررنا بها على صعيد الإرهاب والتطرف، ومحاولات إذكاء الوحدة الوطنية فى الأمة، يبدو لى أننا كنا نحن الكبار، نتحدث مع أنفسنا وإلى أنفسنا فقط.. نتكلم ونفكر.. ونحلل ونتكهن.. ونتهم ونبرئ.. ونكرم ونبجل.. ونحو ذلك من أساليب وتفاعلات، كلما وقع حادث يهدد النسيج الاجتماعى، على غرار ما حدث قبل ثورة ٢٥ يناير مثل تفجير كنيسة القديسين، أو ما تعرضت له كنائس أثناء حكم الإخوان القصير، بما خلفه فينا من جروح ونتوءات غائرة.. تماما كالمحاولة الفاشلة للنيل من الكاتدرائية.. وصولًا إلى كارثة المنيرة الأخيرة! نتحاور مع أنفسنا نحن الكبار.. ولا نفكر كثيرًا فى الأطفال الذين سيبلغون الرشد بعد سنوات.. لم نقل لهم الكثير عن هذه الملفات.. لم نتكلم معهم عما جرى.. لم نخبرهم عما يجب فعله.. الكبار واجهوا ما حدث ببطولة.. هناك من أنقذ.. من نقل جريحا أو مصابا.. من ضمد واحتوى. وأبعد مصلين بالقداس عن خطر الموت احتراقا أو اختناقا..هناك من بلسم الجراح وقدم المساعدة والدعم من الدولة.. الأزهر.. النخب..لكن الفعل الشعبى الحقيقى كان يعوزه عمل رمزى كبير لافت. تمنيت أن نبادر شعبيا بعمل يبقى أثره فينا، فإلى جانب تكليف الهيئة الهندسية بالإصلاح والترميم، ودعم الأزهر، بمستشفياته التى استقبلت المصابين، ووفده الرسمى لتقديم واجب العزاء للكنيسة، وحتى المساعدات المالية للأسر المنكوبة بالضحايا، بمبالغ وإن كبرت فهى تتصاغر أمام جلل الحدث وأهواله.. كان ينقصنا أيضا عمل شعبى يشعرنا من جديد بسريان روح ثورة ١٩١٩ والتى لاننساها. تمنيت أن يتقدم شعبنا العظيم بعمل شعبى كبير يبقى علامة.. يتركون به بصماتهم المصرية على التاريخ، ينبىء عنا وعن توحدنا فى محنتنا.. تمنيت لو توافدنا على الكنيسة المحترقة، فأزال كل منا ركاما أو أثر حريق.. وساهمنا مع الأجهزة الرسمية فى محو آثار مصيبتنا.. تمنيت أن نذهب كلنا فى عزاء جماعى لأسر المتوفين. تمنيا لو أنشأنا صندوقا للتبرعات الشعبية وقدمنا رغم العسر المادى الذى نعيشه تبرعا شعبيًا رمزيًا، يكون هو دمعتنا الحقيقية التى نذرفها فى مصابنا الأليم.