رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على أحرّ من الجمر، ينتظر أكثر من نصف مليون أسرة مصرية إعلان نتيجة الثانوية العامة في لهفة ممتزجة بالقلق، مشاعر مختلطة بين الاشتياق والرهبة، خوف من المصير المجهول والمستقبل المتوقف على مجرد درجات صماء تخرج من وزارة التربية والتعليم متجهة إلى مرحلة تحديد المصير في مكتب التنسيق ليوزع الناجحين على الكليات المختلفة.

نتيجة الثانوية العامة هي ضيف ثقيل تترقبه البيوت المصرية بتوجس شديد، وحيرة عارمة، لتقرر حين يأتي كيف تستقبله: بالترحاب والزغاريد أم بالنفور والنواح، ولم يتوقف الأمر على الانتظار وإنما البعض يسعى جاهدًا لاقتناص أي فرصة  -حتى وإن كانت زائفة- لجلبه مبكرًا، فينقادون وراء بائعي الوهم ممن يدعون قدرتهم على معرفة النتيجة من الكنترول قبل للاعتماد الرسمي نظير مقابل مادي، بل وزاد على ذلك أن البعض ينصاع وراء من يزعمون تغيير النتيجة بمقابل مالي أكبر، فهل وصل بنا الأمر لأن نغش أنفسنا ونزيف الحقائق ونشتري تقييمًا وهميًا لأبنائنا لمجرد الوصول لهدف ربما ليس مؤهلًا له؟!

أما آن الأوان لتغيير ثقافة تمجيد الدرجات وإرسائها كقيمة أساسية في تحديد المستقبل، مجرد ساعات قليلة يقضيها الطالب في الامتحان تحدد مصيره، تجعل منه إنسان خائف مرتعد، وكأنه تحت تهديد السلاح، يعيش الطالب سنة كبيسة تُمارس عليه كل أساليب القمع والقهر لإجباره على المذاكرة طيلة الوقت، والسير في طريق إلزامي، حتى ينقاد إلى لجان الامتحان مكبل بقيود الرهبة والتوتر، ثم ينتهي منها ليدخل مرحلة انتظار النطق بالنتيجة الحاسمة لمصيره العملي.

بكل أسفٍ، تحولت مرحلة تقييم مستوى الطالب العلمي إلى معركة نفسية عنيفة، بفعل المجتمع، الذي يشعل لهيبها سنة تلو الأخرى، للتحول في نظر الطلاب إلى شبح مدمر، ما يستدعي التغيير العاجل لطريقة الالتحاق بالكليات المختلفة وفقًا لآليات حقيقية تقيس مهارات الطالب ومدى لياقته للتخصص الذي يتقدم له، مع وضع ضمانات للعدالة والنزاهة لنخلص الأجيال القادمة من تلك الحرب النفسية الضارمة.

وحتى يتحقق ذلك، على أولياء الأمور الرفق بأولادهم، فمرحلة الثانوية العامة مثلها كمثل أي مرحلة تعليمية حتى وإن كانت تحدد المصير، فإن قدرات الطالب الحقيقية ومهاراته لن تُخلق في عام واحد، وإنما هي نتاج سنوات عمره، وبدلًا من ممارسة الضغوط احتووا أبناءكم، وعلموهم أن جميع التخصصات نافعة، وأن كل منهم لديه مهارة مميزة عليه اكتشافها وتنميتها، حتى يعمل في التخصص المناسب، وليس السعي وراء مصطلح "كليات القمة" الزائف، أو خلق مقارنات غير مجدية مع قرنائه.

دعوا أبناءكم يتعلمون من أجل التعلم، ويكتسبون المزيد من المعلومات والمهارات، يبذلون جهدهم في اكتساب المعرفة، بكل هدوء ورغبة ولهفة للعلم، ثم لتكن مشيئة القدر.. أرجوكم هونًا على أنفسكم وأبنائكم، فكل ميسر لما خلق له.