رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صواريخ

الشقيقة تونس دولة متحضرة، وشعبها على قدر عالٍ من الثقافة والتحضر والرقى، ومثلها مثل دول الربيع العربى أصابتها لعنة الإخوان المسلمين وفرق الاسلام السياسى، وتعانى من وضع اقتصادى صعب بسبب الصراعات السياسية التى تبدو أنها وصلت محطتها الأخيرة.

فى أكثر من زيارة لتونس العاصمة وسيدى بوسعيد ومدينة القيروان الأثرية، كان يلفت انتباهى الاهتمام الشديد بالمساحات الخضراء والصورة الجمالية للشوارع والمدن التونسية، وأيضًا السلوك المتحضر للمواطن التونسى تجاه كل من هو أجنبى، على اعتبار أن السياحة كانت أهم مصادر الدخل للدولة، وكانت هناك قوانين صارمة لحماية السائحين لاحظتها أثناء جولة للتسوق فى تونس القديمة من خلال خلاف بسيط مع بعض السائحين الأجانب، وبمجرد تواجد الشرطة فى دقائق معدودة بدا الأمر عصيبًا على أصحاب المحلات، وانتهى بهدايا مجانية وبسيطة للسائحين.. وبطبيعة الحال هناك علاقة خاصة وحميمية للمصريين وبمجرد الحديث بكلمات بسيطة تفاجأ بجملة -انت مصرى- وترحاب شديد.. والسؤال عن تفاصيل لأحداث فى القاهرة، ربما لا يعلمها ويتابعها كثير من المصريين، وبخاصة فى مجالات الفنون والثقافة والرياضة وغيرها، كما لفت انتباهى تجمع حشود جماهيرية كبيرة فى شارع الحبيب بورقيبة أمام مسرح البلدية، مع تواجد مكثف للشرطة، وعلمت أن سبب هذا التجمهر الكبير بسبب عرض لفيلم جديد للفنان عادل إمام، تلك كانت تونس الجميلة قبل الربيع العربى.

للأسف الشديد الأحوال تبدلت وهناك أزمة اقتصادية كبيرة تضرب تونس مثل كثير من الدول التى ضربها الربيع العربى، وتسبب فى قفز تيار الاسلام السياسى على السلطة، ورأينا حركة النهضة التى يتزعمها راشد الغنوشى تسير على نفس درب الجماعة الأم فى مصر، وبرغم أن الدستور التونسى ينص على أن العلاقات الخارجية والقوات المسلحة من اختصاصات رئيس الدولة، إلا أن الغنوشى بدأ رئاسته للبرلمان التونسى بزيارة تركيا، وفشلت حكومة النهضة فى تونس، كما فشل مشروع النهضة المزعوم فى مصر.. وقبل يومين وصل الصراع السياسى فى تونس إلى محطته الأخيرة بعد أن صوت الشعب التونسى على دستور جديد يعود بالبلاد إلى النظام الرئاسى الذى يحق فيه للرئيس تشكيل الحكومة والقضاء، وتقليص النفوذ السابق للبرلمان، مع التأكيد على الحريات العامة واقامة نظام ديمقراطى.

الخلاصة، إن تجربة الربيع العربى وما خلفته من صراعات سياسية وعرقية وطائفية، أدت  لانهيار بعض الدول والسقوط فى براثن الإرهاب والفوضى والصراح المسلح، وانهيار الاقتصاد والمرافق والمؤسسات لدول أخرى وانفجار وتعدد الأزمات لدول باتت غير قادرة على استغلال مواردها وثرواتها، تؤكد أن المشروع الأمريكى الذى جرى الاعداد له لسنوات طويلة قد فشل فشلاً ذريعًا لأسباب كثيرة ومتعددة، لعل  أهمها الثقافة والقيم المتجذرة فى الشعوب العربية وشكلت هويتها منذ مئات السنين، وتتعارض فى كثير منها مع القيم الغربية.. وأيضًا عدم وجود بنية سياسية حقيقية فى كثير من المجتمعات العربية، وإذا كانت دولة مثل مصر قد استطاعت اقامة تجربة سياسية متقدمة فى النصف الأول من القرن الماضى، وتحديدًا من خلال دستور 1923 والذى ساهم فى وجود تعددية سياسية حقيقية، واقامة حياة نيابية سبق بها كثيرا من دول العالم.. فإن الغرب ذاته قد سعى لإفشال التجربة من خلال إنشاء جماعة الإخوان المسلمين، بهدف ضرب التيار الوطنى الليبرالى، ولتكون شوكة معطلة لنهوض الدولة المصرية.

حمى الله مصر

نائب رئيس الوفد