رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

سيصدر العدد الذى يحمل هذا المقال ربما بعد يوم أو اثنين، من اتمام الدكتور مصطفى عبدالرازق، مدير تحرير جريدة الوفد لعامه الستين، وتوديعه للجريدة أو بيته الحقيقى الذى قضى بين جنباته أكثر من ثلاثة عقود صحفيًا وباحثًا ومتأملاً.. عرفت الدكتور مصطفى عبدالرازق لأول مرة بمدينة جدة السعودية التى جمعتنا فى مطلع تسعينيات القرن الماضى طيورا صحفية تحط حيث يريد الله لها أن تعمل.. وقتها كنت أعمل صحفيًا بجريدة البلاد السعودية، والعزيز مصطفى يعمل بجريدة المدينة السعودية. من هذا التاريخ وإلى يومنا هذا ولم تنقطع علاقتى الانسانية بالصديق العزيز مصطفى عبدالرازق الذى سيترك جريدة الوفد استجابة لقوانين التقاعد، ولكنى حسب ظنى به، ويقينى بما يمتلك من مؤهلات وامكانيات صحفية وثقافية وإنسانية، فإنه سيشق لنفسه مجرى جديدا فى الحياة يستطيع السباحة بين ضفتيه ربما بحرية وأريحية أكبر بكثير من طبيعة العمل داخل المؤسسات الصحفية بشكل عام..

كل من يعرف الدكتور مصطفى عبدالرازق من الأصدقاء والأحباب يسلم بثقافته الرفيعة وولعه بالبحث والاطلاع، ونقاء نفسه الذى يعتبر عنوانًا لإنسانية جميلة تسكنه.. طوال سنين مضت عرفت فيها الصديق مصطفى عبدالرازق وقد استرحت إلى كل صفات الرجل النبيلة، ولكن ظل يحيرنى فيه مشروع ابتسامة دائمة على وجهه لم يكتمل بعد، وكأنه مثل الأديب الرائع يحيى حقى، خائف من شىء ما يفسد عليه روعة الفرح لو صارت الابتسامة بدرا كامل التمام بسماء وجهه الصافى. وكنت قد سألت الأديب الكبير فى لقاء بمنتصف الثمانينيات عن مشروع لم يكتمل فى حياته، وكانت اجابته الطريفة – انه مشروع ابتسامة لم يكتمل بعد.. كلما التقيت العزيز مصطفى، قفزت على الفور باحثا عن حدود جديدة لابتسامته، وفى كل مرة أجده ملتزما بالحدود التى وضعها لنفسه، غير مسرف فى فرح أو حزن، وغير متلهف على مكسب، ولا آسف إلى حد الوجع لخسارة.. مصطفى عبدالرازق ابن الستين عاما، لن أتخيله إلا شابًا جسورًا، يبحث عن الحقيقة بهدوء، ومثل علماء الآثار هو تميمة تحمل داخلها العالم والصوفى والفيلسوف، وستظل قوته الحقيقية التى تعينه على الأيام ذاتها، ذلك اليقين الجميل والمسالم المستقر فى أعماقه تجاه أمور كثيرة تحير من لا يملكون هذا اليقين مثلى، وكم كنت دون أن يدرى أتحدث معه أحيانا فى غير موضوع بذاته مستمدا من يقينه الفطرى ما يعين على القلق..

قد يشعر صديقنا العزيز وقت وصوله محطة الستين عاما، بأنه نزل بباراشوت فى أرض ممتدة بلا حدود، والوقت وقت غروب، وما أصعب مصارعة الأقدار ومغالبتها لرجل يقف فوق جسر ستينى بين زمنين.. وحيث اننى سبقت صديقى العزيز مصطفى بالهبوط الآمن بباراشوت التقاعد منذ ستة أعوام فإننى على ثقة من وعيه الجميل بأن الحياة تظل بها مساحة للفرح والنجاح فى كل عمر، وأننا وحدنا باستطاعتنا أن نصطاد اللحظات الهاربة منا، وأن نسترد الكثير من الأمانى التى ظننا يوما أنها قد هجرت شواطئ أيامنا..

أتمنى للصديق مصطفى عبدالرازق أن يتحول من حالة الصحفى المحكوم بوقت الطباعة، والسياسة التحريرية لمطبوعته، إلى فضاء جديد للكاتب مصطفى عبدالرازق الذى يأخذه عالم التأليف والنشر، إلى حيث يجد ضالته فى كتابات لاتسمح ظروف الصحافة والصحفى أن يتناولها فى مقال أو مجموعة مقالات.. ومع كل الأمنيات الصادقة للعزيز مصطفى عبدالرازق، أدعو الله أن ينعم عليه بتمام الصحة وستر الحال، وأن يفتح عليه أبواب الفكر والإبداع مضيفا الكثير لنفسه وللساحة الثقافية.. ياصديقى -أن تتقاعد بقانون الوظيفة يعنى أن تبدأ السير بقوانين الحياة- فهنيئا لك مع الخطوة الأولى فى مشوار جديد، لعلك تهنأ معه بالكثير بين محطات لم تتخيلها يوما بهذا الجمال.