رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

يهبنا الله امتدادًا للحياة حتى نصحح أخطاء الماضى لنكون أفضل، التعلم وعدم تكرار الخطأ فطرة إنسانية بديهية، تميز العقل البشرى عن سائر المخلوقات الأخرى، ومن الغباء أن نثور من أجل التغيير للأفضل، فتنتهى ثورتنا إلى الاكتفاء بالحراك الظاهرى، فيما نقع باستسلام فى مستنقع الماضى بحذافيره، معيار النجاح لأى ثورة، هو مدى ما تعكسه إيجابًا على حياة الشعوب، والتغيير للأفضل ولو تدريجيًّا، ولتحقيق هذا يتم ترتب الأوليات لخطط المستقبل عندما تضع الثورة أوزارها، لتكون تلك الزهرة التى فى خيالنا.

وسيكون تكرارًا مرًا حين أعيد رصد ما حدث فى أعقاب ثورة 25 يناير، والمنزلق الخطير الذى كان يهدد مصر، حتى جاءت 30 يونيو لإنقاذ الوطن، وعلقنا طموحات كبيرة على تلك الأخيرة، ولكن إنصافًا، علينا ألا نذر الغبار فى الأعين المفتوحة التى ترى بدقة كل ما يحدث، وألا نشارك فى دفن رؤوسنا فى الرمال كالنعام ونهلل بما ليس موجودًا على أرض الواقع، لأننا سنسأل أمام الله على كل شهادة زور، وعلى كل كلمة نقولها أو نكتبها، يوم لا ينفعنا فيه أحد، والملك يومئذ لله وحده، علينا أن نقر أننا نعانى من خيبات رغم إيجابيات البناء والتشييد والمشروعات الكبرى، خيبات تتمثل فى عدم اجتثاث جذور الفساد، واستمرار تغلغله بتوحش فى الأرجاء، فلا يكاد مواطن يسلم من أنيابه قد يسقط فاسد هنا أو هناك، إلا أن من يسقطون صدفة أو بموجب الرقابة القانونية، قليل من كثير جدًا.

سنحاسب أمام الله والتاريخ وضمائرنا، إذا أنكرنا أن الفساد يسرق من المواطن جل شعوره بالمكتسبات الجديدة، ويزيد من ثقل الأعباء على كاهله، إلى درجة جعلت البعض يجثو حنينًا إلى العهد الغابر، ونرصد هذا عبر مواقع التواصل، التى تحولت إلى ملايين من الصحف الشخصية، ينتحب خلالها أصحابها من مستنقعات الفساد، ومن تردى الأوضاع، سواء ظروف المعيشة، أو من انهيار الأخلاق، وظهور أشكال غريبة وجديدة من الجريمة لم يعرفها مجتمعنا من قبل، حتى اختلط الحق بالباطل لدرجة التعاطف مع قاتل على حساب الضحية، لأن الاهتمام بإعادة بناء الإنسان توارى مع تركيز الاهتمام ببناء المدن، فتمدد لدينا إرث الماضى بفساده، وبكل تجريفه الأخلاقى والإبداعى والفكرى، وكأن شيئًا لم يتغير، حتى تلك الجوقة الإعلامية المقيتة التى كانت من العهد الغابر، لا زالت تتواجد هى نفسها على الساحة منذ عقود.

للأسف لم يحدث سعى جاد لعلاج هذا العوار، ولنجدة المجتمع من التردى، ومناقشة أسباب غضب المزاج العام لأغلب العوام، والعمل على الدفع بنماذج مثالية جيدة وراقية لتتصدر الواجهة الشعبية والثقافية والفكرية والإعلامية، لتكون تلك النماذج قدوة يحتذى بها وأساسًا أو نواة لتكوين أفراد مثاليين، وأسر سليمة، ومجتمعاتٍ راقية، للأسف لم يتم التنبه فعليًا لتنمية الشعور الجماعى بالأخلاق، وتنمية الإرادة المجتمعية للحفاظ على هذه الأخلاق والتى تعد الدستور المثالى لأى تقدم حضارى، واعتقدنا أن التجاهل هو الحل، وخنق حرية الرأى والتعبير عما يحدث هى الحماية، وتركنا الحبل على الغارب للأراجوزات للعب دور الإلهاء، وللهواة المدعين فى كل مجال ليتصدروا المشهد، وقد اختلقوا لأنفسهم الألقاب كيفما شاءوا فى فوضى غير مسبوقة، من خبير استراتيجى، محلل، مفكر، مراقب، فيلسوف، متخصص فى شؤون»... وغيرها، يطل بها هؤلاء المدعون عبر الشاشات أو الصحف، ولم يسلم الدين والعقيدة منهم، فأطلت وجوههم القبيحة علينا لتشوه الأديان وتحاول زعزعة الثوابت، وتفقد الجيل الثقة فى مصداقية كل الأشياء.

لكل هذا، مطلوب سرعة تصويب المسار، مواجهة هذا الانهيار بصدق لا تجاهل ولا إرجاء، مطلوب مشروع وطنى شامل لإنقاذ الإنسان المصرى هوية وأخلاق، مطلوب وقفة رسمية، مؤسساتية، دينية، ثقافية، فكرية، إعلامية، حتى نشعر بأن الثورة اهتمت ببناء الإنسان، كما اهتمت ببناء المكان، بدون هذا، حصاد مليون ثورة هو ذر رمال فى الرياح.

[email protected]