عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

رغم اختلافى فى كثير من الأشياء مع المذيع والإعلامى المعروف عمرو أديب، إلا أن الرجل كان على حق حينما راح مؤخرا فى حلقة من برنامجه على قناة «إم بى سى مصر» يتناول قضية سد النهضة وكان مدخله التذكير باعتبار أن «معظم الناس نسياه» وهو أمر ربما يمكن تفهمه انطلاقا من مفهوم «الروتنة»، حيث أصبحت قضية السد جزءا أساسيا من روتين حياة المصريين على مدار السنوات العشر الماضية دون حدوث اختراق حقيقى ما أدى إلى نوع من الزهق منها وبها. هذا الامر وارد حتى فى القضايا الأكبر والأخطر من سد النهضة.. خذ مثلا الحرب الروسية الأوكرانية.. فربما يؤدى طولها مثلا إلى تراجع اهتمام المواطن الروسى ذاته بتطوراتها.

كل هذا شيء وإدارة الأزمة والتعاطى معها من قبل الدولة شيء آخر.. فللمواطن أن ينسى أو يحاول أو ينسى أو يتناسى، غير أن الدولة، وبمنطق الرشادة السياسية فى التعامل مع قضاياها الحيوية، لا تفعل ذلك ولا يمكن أن تفعل ذلك. ولعل البيان المشترك الذى صدر بين مصر والإتحاد الاوروبى قبل أسبوعين ويتضمن نبرة قوية فى مساندة الإتحاد لحقوق مصر المائية من نهر النيل كمصدر وحيد للمياه بها، ما يؤكد أن هناك تحركات مصرية دبلوماسية مكثفة لكسب التأييد للموقف المصرى فى الساحة الدولية. وكذلك ففى تصريحات الرئيس السيسى والتى أشرنا لها فى مقالنا منذ أسبوعين بشأن عدم السماح بالانتقاص من حصة مصر من المياه ما يشير إلى أن القضية لم تنم فى عقل السياسة المصرية.

غير أن المنطق والتناول الصريح للقضية ربما يتطلب الإشارة إلى أن النهج الحالى للإدارة المصرية للأزمة يطرح تساؤلات أكثر مما يقدم من إجابات. وإذا كان هذا شعورا قد ينتاب البعض، فإن الإجابة من البعض الآخر تأتى بأنه فى القضايا الحساسة ليس كل ما يعرف يقال. لا يمنع ذلك من طرح التساؤل بشأن طبيعة وحدود التحرك الدبلوماسى المصرى خلال الفترة المقبلة بما يمثل استمرارية لما تم من تحركات سابقة فى عملية الملئين الأولى والثانية؟ وهى تحركات جعلت أزمة السد فى لحظة ما الأولى على مستوى أجندة المجتمع الدولى وهو ما تمثل فى مناقشتها فى أروقة مجلس الأمن مرتين لعامين على التوالي؟

بالطبع عدم فعالية الآلية ربما يفرض تغييرها، بمعنى أن إخفاق المجلس فى التدخل الفعال ربما يتطلب البحث عن سكة أخرى أو بديل آخر، ولعله من هنا كان نهج التوافقات الثنائية مع المجموعات الدولية على غرار بيان الاتحاد الأوروبى، والذى وصل فى شدته إلى حد تحفظ واعتراض اثيوبيا على مضمونه باعتباره مساندة واضحة وصريحة للموقف المصرى.

ومؤدى ذلك فى النهاية هو ضرورة بحث الدبلوماسية المصرية عن إقتراب آخر يقوم على السعى لبذل المزيد من التحركات لإحياء القضية وليس دخولها مرحلة من الركود. قد يكون من المطلوب تعزيز وتيرة الإشارة للتقارير التى تحذر من شقوق بالسد أو انهياره، غير أنه لا يجب الركون إلى أن ذلك هو الذى سيدفع العالم إلى التدخل لوقف إنشائه. وقد يكون من المطلوب ظهور الخبير عباس شراقى لتقديم صورة فنية عما يحدث بشأن عمليات الملء، غير أن ذلك يجب ألا يشغلنا بحجم ما ستقوم أثيوبيا بملئه وهل هو خمسة مليارات أم أكثر؟ فتلك كلها جوانب فرعية.. والحقيقة الوحيدة التى يجب الانتباه إليها هى أن كل يوم يمر يزيد من فكرة أن السد أصبح حقيقة واقعة.

[email protected]