رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

يرجع الفضل فى نشأة  محمد على إلى أمه- التى لم يذكر لنا التاريخ اسمها , -ربما للهالة التى تحيط بأسماء أمهات الرجال العظام-, لكنها كانت مثالا للأخلاق والصفات الكريمة والعقلية السامية التى نهضت به من الحضيض إلى عنان السماء.

امرأة حادة الشعور, قوية الخيال, يدل على ذلك مناما رأته وهى حامل فى وليدها فسره بعض العرافين بمستقبل عظيم لولدها , فقصت عليه الحلم عندما بلغ الصبا , وبعثت فيه روح التحدى وامتلاك زمام أمره , فكان يجرى يومين كاملين بدون طعام إلا اليسير, ويتمرن على خشونة العيش , ولا ينام إلا قليلا, فلما فقد والديه كان مدربا على تحمل المسئولية ولم يشق عليه  ذلك .

وأخذ حلم أمه يراوده , ويوقظ فيه أوهاما غريبة جعلته ذات ليلة يحلم بأنه ظمىء ظمأ شديدا فشرب كل ماء النيل ولم يرتو, فلما كان الصباح قص منامه على أحد الشيوخ فبشره بأنه سيمتلك وادى النيل بأثره, ولن يكتفى بذلك بل سيسعى لامتلاك أقطار غيره , فهزأ بهذا التفسير لكنه التصق بخياله.

قال عنه المؤرخ إلياس الأيوبى «لم يكن لأحد , ولا لملوك الجن, فى بلد كانت تعوزه كل الوسائل , وكانت الآراء فيه متعارضة, أن ينجز ما أنجزه محمد على لمصر»

ويمثل محمد على – فى العصر الحديث- معجزة إدارية واقتصادية وسياسية كبرى لم تعرف البشرية مثيلا لها إلا قليلا, إذ كانت تجربته فى الصعود بمصر تجربة فاقت فى إعجازها وتفوقها جميع التجارب المعاصرة فى صعود الأمم , تجارب اليابان ونمور آسيا والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا .

كما  يُعدُّ كذلك مؤسِّس الدولة المصريَّة الحديثة فى بداية القرن التاسع عشر الميلادي، حيث يؤرَّخ لتاريخ مصر الحديث بدءًا من توليه حكم البلاد عام ١٨٠٥م، بناء على اختيار الشعب المصريِّ له بعدما أطاح بسلفه خورشيد باشا, فالرجل القويُّ رابط الجأش القادم من مقدونيا وطن «الإسكندر الأكبر» إلى مصر مهد الحضارة، استطاع أن يؤسِّس فى أرض النيل لمشروع نهضة شاملة فى كافة المجالات السياسيَّة والعسكريَّة والاقتصاديَّة والتعليميَّة، حيث دعَّم أركان حكمه بالتخلُّص من أعدائه السياسيين، وتوسَّع فضمَّ إليه السودان، وتمكَّن من الاستقلال عن الدولة العثمانيَّة محتفظًا لأبنائه بوراثة عرش مصر، وتابع تحديث الجيش المصريِّ وتدريبه على أعلى المستويات، حتى غدا أقوى جيشٍ فى الشرق آنذاك، كما أسَّس لمشروعات تنمويَّة ضخمة، وارتقى بنظم التعليم، وأرسل العديد من البعثات العلميَّة إلى أوروبا.

وتبنى محمد على السياسة التصنيعية لكثير من الصناعات , فأنشأ مصانع للنسيج ومعاصر الزيوت ومصانع الحصير. وكانت هذه الصناعة منتشرة فى القرى إلا أن محمد على احتكرها وقضى على هذه الصناعات الصغيرة ضمن سياسة الاحتكار وقتها, وأصبح العمال يعملون فى مصانع الباشا, لكن الحكومة كانت تشترى غزل الكتان من الأهالي.

وكانت هذه المصانع الجديدة يتولى إدارتها يهود وأقباط وأرمن, ثم لجأ محمد على لإعطاء حق امتياز إدارة هذه المصانع للشوام , لكن كانت المنسوجات تباع فى وكالاته ( كالقطاع العام حاليا ),  وكان الفلاحون يعملون عنوة وبالسخرة فى هذه المصانع, فكانوا يفرون وتقبض عليهم الشرطة ويعيدونهم للمصانع ثانية, وكانوا يحجزونهم فى سجون داخل المصانع حتى لايفروا, وكانت أجورهم متدنية للغاية وتخصم منها الضرائب,و تجند الفتيات ليعملن فى هذه المصانع وكن يهربن أيضا.

[email protected]