عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

رأيى الذى أسوقه فى هذه السطور خطأ يحتمل الصواب، وردك على هذا الرأى صواب يحتمل الخطأ. لكن الأهم من رأيى ورأيك هو كيف نتحاور للوصول إلى أرضية للنقاش بشأن ما أبديه من رأى وما تتصور أنه رد وتفنيد لمثل هذا الرأي؟ أقول ذلك وفى ذهنى تلك الضجة الحاصلة فى فضائنا الثقافى هذا الأسبوع حول جانب من مضمون الحوار الذى أدلت به الروائية سلوى بكر لقناة «تن» تطرقت خلاله لقضية الحجاب «الفتيات فى المرحلة الإعدادية» وتحفيظ القرآن «للأطفال».

ما ذكرته بكر رؤية خاصة بها أتصور أن الكثيرين لا يمكن أن يختلفوا مع شقها الأول والقائم على أن مواجهة الإرهاب لا يجب أن تقتصر على الجانب الأمنى وأن الإرهاب له بيئة ثقافية يترعرع فيها.. أبعاد وجوانب هذه البيئة قد نختلف عليها أو نتفق ولكن لا يمكن إنكار وجودها.

أما الشق الثانى والمتعلق بالحجاب وتحفيظ القرآن فإن التعامل معه حال الاختلاف مع بكر، وهو أمر وارد ولا غبار عليه إنما يكون بالحوار وبالحسنى، باعتبار أن ما قدمته ربما لو تعمقنا فيه يمكن أن يكون صحيحًا. ولو لم يكن صحيحًا فإن مناقشتها فيه وتوضيح جوانب الخطأ أمر محبذ ومطلوب، غير أن ذلك يجب أن يتم فى إطار بعيد عن التشنج والعصبية، وبما لا يبدو معه وكأن الأديبة سلوى بكر خرجت عن الملة!

أتصور مثلا أنك لو طرحت على بكر فكرة أن شخصا مثل طه حسين حفظ القرآن منذ نعومة أظفاره وأن ذلك ربما كان سببا فى أن يصبح عميدا للأدب العربى وأب التنوير والرجل الذى قد لا يجود الزمان بمثله لربما سرحت بكر بخاطرها فى الأفق البعيد وراحت تبدى قدرا من التوافق معك. أتصور مثلا أنك لو قمت بتقديم جردة تكشف عن أن عمالقة الفكر المصرى فى بدايات القرن الماضى كلهم بدأوا من كتاتيب وأن ذلك كان سببًا فى حسن بيانهم وإسهامهم المتميز فى الأدب العربى لربما شعرت بكر بأنك أحرزت هدفا فى مرماها! ولبدأت هى تعيد التفكير فى أن الإرهاب ربما يعود لظروف أخرى.

أتصور مثلا لو أنك رحت تذكر لبكر بأن أطفال المسلمين منذ صدر الإسلام حفظوا القرآن عن ظهر قلب ولم يتحدث أحد على مدى 14 قرنا عن دور لذلك فى انتشار الإرهاب، لشعرت بقدر من الحرج وراحت بينها وبين نفسها تفترض أنها أتاحت لصورها الذهنية السلبية عن الحجاب وحفظ القرآن أن تجعلها تنطق عن الهوى ولا تغلب العقل الذى تدعونا لتحكيمه.

أتصور مثلا لو أنك طرحت على بكر فكرة أن الحجاب تحول فى مصر إلى عادة مجتمعية أكثر منه تعبير عن شعيرة دينية وأن فتاة الإعدادية التى تم تحجيبها فى غابر الزمان تحتل الآن منصب الوزيرة وأستاذة الجامعة وتتصدر المناسبات المختلفة خلف قادتنا، ولا تمثل أى خطر على المجتمع لربما نظرت إليك بإعجاب من قوة حجتك وتماسك منطقك.

أما أن نسن السكاكين لمجرد أن تلك السيدة أبدت رأيا نتصور أنه خطأ، فأقل توصيف لذلك أنه وأد للحرية التى ربما تصرخ أنت ليل نهار مطالبا بها متصورا أنك تفتقدها. ولو هدأت قليلا لوجدت أنك يجب أن تضع يدك فى يد بكر على الأقل لمواجهة جانب المشكلة الذى ربما لا نختلف عليه وهو إصلاح حال التعليم على الوجه الذى يخرجنا من الحالة البائسة التى نحن عليها.

[email protected]