رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لعل وعسى

تمثل الأزمة الروسية الأوكرانية الحالية ضربة موجعة للاقتصاد العالمى ليس فقط لأنها ستضر بالنمو الاقتصادى وترفع الأسعار لكن الاقتصاد العالمى بشكل عام سوف يشعر بآثار تباطؤ شديد لهذا النمو وزيادة سرعة التضخم وهو أمر قد يؤدى بالتزامن مع عدم قبول الجهات الدائنة خاصة فى مجموعة العشرين لتسريع إعادة هيكلة الديون وتعليق خدمة الديون للدول النامية، خاصة وأن مؤشرات نسب عبء المديونية للدول زاد بصورة تحتاج لموقف دولى سريع ونافذ، ففى عام ٢٠١٥ كانت ٣٠٪ من الدول متدنية الدخل تعانى من عبء مديونية كبير، ارتفعت النسبة إلى ٦٠٪ عام ٢٠٢٠، ثم ٧٠٪ عام ٢٠٢١ والمتوقع فى ظل عدم القدرة على التوقع وزيادة حالة عدم اليقين عالميًا أن تصل إلى أكثر من ٩٠٪ وهو أمر غير مقبول لأنه سوف يؤدى إلى انهيار اقتصادى فى كثير من دول العالم.

وسوف تنعكس هذه الآثار السابقة على ثلاث قنوات رئيسية القناة الاولى: ارتفاع اسعار المواد الأولية كالغذاء والطاقة سيدفع التضخم نحو مزيد من الارتفاع سينعكس حتمًا على تآكل قيمة الدخول وإضعاف الطلب، وخاصة وأن روسيا وأوكرانيا تسهمان بنحو ٣٠٪ من صادرات القمح العالمية، مفاد ذلك إمكانية حدوث مخاطر كبيرة قد تصل إلى زيادة حدة الصراعات نتيجة انعدام الأمن الغذائى فى بعض الانحاء خاصة أفريقيا والشرق الأوسط. القناة الثانية: الاقتصاديات المجاورة بصفة خاصة سوف تصارع الانقطاعات فى التجارة وسلاسل الإمداد وتحويلات العاملين فى الخارج كما ستشهد طفرة تاريخية فى تدفقات اللاجئين. القناة الثالثة تراجع ثقة مجتمع الأعمال وزيادة شعور المستثمرين بعدم اليقين ستمثل نقطة كبيرة فى إضعاف أسعار الأصول وإضعاف للأوضاع المالية وخروج التدفقات الرأسمالية من الأسواق الصاعدة.

على مستوى الاقتصاد المصرى وهو الاقتصاد الذى يعتمد على 80% من واردات القمح من روسيا وأوكرانيا سنجد أن الاقتصاد المصرى سوف يعانى مزيدًا من الضغوط لأن له علاقات تجارية وسياحية والتى سوف تشهد انكماشًا فى عائدات السياحة، وستنعكس فى الأجل القصير على زيادة العجز فى ميزان المدفوعات وعجز الموازنة العامة للدولة نتيجة تصاعد فاتورة خدمة الدين العام. ولكن على المدى الطويل فإنه من المتوقع أن يكون هناك تحول فى النظام الاقتصادى والجغرافى والسياسى العالمى، وأن ينعكس ذلك على حدوث تحول فى تجارة الطاقة مع دخول لاعبين جدد أبرزهم مصر، كذلك زيادة مخاطر التجزؤ الاقتصادى ولاسيما على مستوى التجارة والتكنولوجيا مع حدوث انقطاعات أوسع فى سلاسل الإمداد، وارتفاع تكلفة التمويل خاصة مع زيادة أعداد اللاجئين.

السياسات الحكومية فى مصر تهدف بدرجة كبيرة إلى احتواء مشكلة التضخم كأحد أهم المثبطات الاقتصادية الأربعة، ولكن تفاقم الأوضاع المالية الخارجية قد يحفز تدفق رؤوس الأموال إلى الخارج ويضيف إلى التأثيرات المعاكسة على النمو الاقتصادى، والطبيعى أن الأسعار الآخذة فى الارتفاع قد تؤدى إلى زيادة التوترات الاجتماعية خاصة فى البلاد التى لديها شبكات أمان اجتماعية ضعيفة وفرص عمل قليلة وحيز محدود للإنفاق من المالية العامة، لكن مصر التى أدرجت مشروعها القومى الكبير حياة كريمة والذى وضع ضمن منصة الأمم المتحدة العام السابق كأحد أهم المشروعات العالمية التى اجتازت اختبارات المعايير التنموية الذكية السبعة، وهو ما يخرج مصر من هذه الدائرة الصعبة، ووضعها ضمن الاقتصاديات التى تتميز بالمرونة فى امتصاص الصدمات بعد ان وضعت ودشنت شبكة أمان عالمية، ووضعت ترتيبات إقليمية مع الدول الصديقة خاصة دول الخليج العربى وقبرص واليونان لتحقيق المنهج الاقتصادى الجديد فى أن القوة الجماعية قادرة على التعامل مع الصدمات وتوابعها.

الاقتصاد المصرى استطاع أن يصنف كضمن أكثر الاقتصاديات مرونة فى امتصاص الصدمات بفضل نجاح الإصلاح الاقتصادى الأول، ولكن الإصلاح الاقتصادى الثانى يحتاج إلى إعادة بلورة لا لسبب سوى أننا نعيش فى عالم معرض بشكل أكبر للصدمات ويحتاج إلى القوة الجماعية للتعامل مع هذه الصدمات والصدمات القادمة على أمل تحقيق التوازن المطلوب والدقيق بين احتواء التضخم كأحد المثبطات الاقتصادية لأى اقتصاد ناشئ ودعم التعافى الاقتصادى من آثار جائحة كورونا والتى ما زالت تداعياتها مستمرة حتى الآن.

رئيس المنتدى الاستراتيجى للتنمية والسلام