رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بموضوعية

لعبت الحرب الروسية الأوكرانية دورا كبيرا فى تعميق أزمة سلاسل الإمداد العالمية التى بدأت بشائرها منذ شهور بسبب جائحة كورونا . بدورها لعبت أزمة سلاسل الإمداد دورا محوريا فى تعميق أزمة غلاء الأسعار ونقص المعروض من السلع فى معظم أسواق العالم، وإن كانت أسواق الدول الفقيرة هى الأكثر تأثرا بهذة الأزمة

وإذا كانت أزمة سلاسل الإمداد قد كشفت عن أحد أبرز عيوب العولمة الاقتصادية والثقافية التى يمضى إليها العالم مسرعا منذ سنوات، وهو خطأ الاعتماد الكلى فى عمليات الإنتاج على استيراد مكونات يجرى تصنيعها فى أماكن مختلفة على ظهر الكرة الأرضية، فإن لهذة الأزمة وجها آخر ايجابيا يتمثل فى اكتشاف أهمية العودة إلى سلاسل الإمداد المحلية والإقليمية التى قد تشكل بديلا أو حلا ذاتيا لأزمات ارتفاع أسعار السلع الناتجة عن أحداث دولية، تجرى فى أماكن بعيدة عن تلك الأسواق التى تدفع فاتورة هذه الأحداث.

من هنا تأتى أهمية الدعوة إلى إنشاء وتشكيل شبكات سلاسل إمداد إقليمية، تضم مجموعة من الدول المجاورة، كنوع من التكامل الانتاجى بين هذه الدول، وتجعلها بمثابة وحدات إنتاج  مستقلة عن نظام الإنتاج المعولم الذى ظهرت آثاره السلبية بادية للعيان مع أزمة كورونا واندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.

والفكرة باختصار، إن مصر يمكن ان تكون نقطة ارتكاز وطرفا أصيلا فى إنشاء مثل هذه الشبكة الإقليمية المقترحة، والتى يمكن ان تضم إلى جانب مصر كلا من الأردن وسوريا والعراق وليبيا والسودان، بحيث يمكن لهذه الدول الاتفاق على إنتاج بعض السلع بما يكفى استهلاك شعوبها، عبر نوع من التكامل فى توفير المواد الخام وعمليات التصنيع ثم التوزيع، مستفيدة فى ذلك من الإمكانات الكبيرة التى تتيحها التطورات التكنولوجية الراهنة.

أيضا يمكن أن تلعب شبكة الإمداد الإقليمية المقترحة دورا مهما فى مجال الإنتاج الزراعى وتوفير احتياجات المستهلكين، داخل دائرة الدول أعضاء الشبكة من العديد من السلع الزراعية المهمة، خاصة من الحبوب والخضراوات والفاكهة، وبعض المنتجات الصناعية المرتكزة على الزراعة، مثل السكر والصناعات الغذائية وغيرها،

أما عن فوائد مثل هذه الشبكة الإقليمية، فهى عديدة، فى مقدمتها ضمان توفر وتدفق السلع محل التكامل فى أسواق هذه البلدان إلى جانب تراجع أسعارها نتيجة انخفاض تكلفة النقل والتوزيع بين بلدان متجاورة ووصولا إلى الشعور بالأمان لدى المستهلكين والحكومات فى هذه البلدان فى بعض أنواع السلع والمنتجات، والاطمئنان لعدم تأثر توافر هذه السلع أو ارتفاع أسعارها نتيجة أحداث عالمية بعيدة جغرافيا.

وللعلم، فإن فكرة شبكة الإمداد الإقليمية ليست جديدة على بلدان المنطقة، فقد جرى تطبيقها وتنفيذها إبان فترة الحرب العالمية الثانية وتعثر وصول السلع والبضائع القادمة من أوروبا بسبب ظروف الحرب، ومن ثم بادرت بريطانيا التى كانت تحتل معظم بلدان المنطقة، بإنشاء هذه الشبكة لتعويض نقص السلع الواردة من أوروبا وأنشأت ما يسمى آنذاك بمركز إمداد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكانت ركيزته الأساسية مصر وبلاد الشام، بما فيها فلسطين، ونجحت الفكرة ليس على الصعيد الاقتصادى فحسب، بل على الصعيدين الاجتماعى والثقافى، حيث لعبت دورا فى المزيد من التقارب بين شعوب هذه البلدان عبر عمليات تبادل تجارى امنة وانتقال للبضائع والبشر بسهولة بين هذه الدول.

أليس عجيبا أن ننجح فى فعل شيء عندما كانت بلادنا ترزح تحت حكم احتلال أجنبى، ثم لا نفكر فى نفس الشيء، وقد اصبحنا دولا وطنية مستقلة تملك حرية قرارها؟