رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مكنونات الثقافة المصرية:

 

 

 

    يحكي أن ديكا كان يؤذن عند فجر كل يوم، فأتي صاحب المزرعة وقال له: لاتؤذن مجددا، وإلا سأنتُف ريشك. خاف الديك وتوقف عن الأذان، وقال لنفسه: الفجر لا ينتظر إذني ولا أذاني، وديوك الحي لا تقصر، بعد مرور أسبوع، عاد صاحب المزرعة ليقول للديك: إذا لم تكاكي كالدجاجات سأنتُف ريشك، تنازل الديك عن الصياح والتزم نقنقة الدجاجاجات، وبعد شهر من النقنقة، ظهر صاحب المزرعة من جديد ليبلغ الديك بآخر فرماناته: الآن إذا لم تبض كالدجاجات سأذبحك غدا، بكي الديك؛ بكي حتي ابتل ريشه، وقال: ياليتني مت وأنا أأذن.

    في حياتنا أصحاب مزارع كثر، وكثير منا هذا الديك. حتي علي المستوي الدولي؛ تمثل أمريكا صاحب المزرعة، ويتطوع كثيرمن الدول العربية للنقنقة  لها، بل ويبيض البعض من أجل عيون أمريكا والعم سام. ورغم تعمد حكام أمريكا إهانة العرب وابتزازهم، إلا أن العرب دأبوا على التسابق  للطواف  بالبيت الأبيض، من هنا كان حرص "ترامب" علي ابتزاز العرب علانية، وكان أكثر ابتزازا للسعودية، باعتبارها الدولة الأغني عربيا. حيث حصل على عقود بمئات المليارات ، حينما زارها للمرة الأولى فى مايو ٢٠١٧، وحصل بعدها على عقود بالمليارات من قطر من دون أن يزورها، بل سمحت له باستضافة قاعدة أمريكية علي أراضيها، آملة حماية أمريكا لها ورضاها عنها، بعد خلافها مع مصر والسعودية والامارات والبحرين.

    يحدث هذا رغم أن العلاقات العربية الأمريكية من الناحية الاقتصادية تعتبر قوية، فالعالم العربي ثالث أكبر مصدر لأمريكا، أمريكا هي أكبر مستورد من العالم العربي. ومع ذلك؛ فشلت هذه العلاقات الاقتصادية القوية في الانعكاس على الساحة السياسية، وفي تقليل تبعية الدول العربية لأمريكا.

    غطرسة أمريكا ومحاولات ابتزاز العرب واتخاذها دور صاحب المزرعة ؛ زادت من  مشاعر العداء للولايات المتحدة، وفقدان المصداقية إزاء أهداف السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. ويستبعد خبراء العلاقات العربية الأمريكية أي تحسن فيها، طالما استمرت السياسة الأمريكية على ما هي عليه، وستستمر.

    لقد سعت أمريكا جاهدة وبالقوة إلي تغيير بعض الأنظمة العربية، التي رفضت الانسياق لسياساتها في المنطقة، وأبت النقنقة لها، أو الكف عن الصياح، ولكنها  لم تفلح في تغيير نظرة الشعوب العربية إليها، أو التقليل من تيار الكراهية ضدها. فاتجهت الآن إلي العودة لإدارة الصراع مجددا مع روسيا، بجرها إلي الحرب مع اوكرانيا، ومحاولة إظهار روسيا بصورة المعتدي الغازي، وليس المدافعة عن أمنها.

    إن الديوك العربية لو انتبهت لأدركت أنها أقوي من أمريكا، ولكنه حب التبعية والانبطاح؛ فالدول العربية تستطيع أن تُخضع أمريكا وتجبرها علي وقف فرماناتها المهينة. فلديها البترول، حيث يمثل الخليج العربي مصدر البترول الرئيسي لأمريكا، ولنا أن نتذكر مبادرة الملك فيصل في حرب 73 ، ولدينا الممرات المائية، حيث يتحكم العرب بمجموعة من أهما، منها البحر المتوسط والبحر الأحمر والخليج العربي وقناة السويس، مما يزيد من أهمية المنطقة عسكرياً واستراتيجياً واقتصادياً، كما تعتبر المنطقة العربية أكبر مستورد للسلاح الأمريكي، ولدينا قبل كل هذا المخزون الثقافي والحضاري العربي.

إن تم نتف ريش بعض الحكام العرب؛ فإن الشعوب أبدا لن تهادن. وستفضل الموت وهي تؤذن، عن الموت وهي تبيض.