رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤى

من أكبر المشاكل التى يواجهها الإنسان فى مرضه عدم التذكر الخلط بين الحلم والواقع، سبق وأشرت فى مقال سابق إلى عملية الخلط والتداخل بين الحلم والخيال والوقائع، اليوم نشير إلى عدم التركيز.

يصاب بعض مرضى الاورام السرطانية بعدم التركيز، ينسى بعض الكلمات ولا يتذكر بعض المواقف، ويشعر بأنه غير مسيطر تماما على الفكرة التى يريد التعبير عنها، كثيرا ما وقعت فى هذه المواقف وانا أتحدث مع أقارب أو أصدقاء، اكتشف انا هناك كلمات لا أتذكرها كانت بالعربية أو الفصحى، وأن تكوين الجملة أصبح صعبا، أحاول أكثر من مرة تذكر الكلمة وللأسف أفشل واعتذر لعدم تركيزى وأنهى الحوار.

الغريب أننى لا أتذكر فى الساعات أو الأيام التالية ما كنت أنوى التحدث فيه، لا الكلمات التى غابت عنى ولا الموضوع، كله ضاع منى، ربما سبب ذلك عدم أهمية الموضوع، أو بسبب آثار المرض.

قيل لى بأن نوعية الكيماوى التى كنت أحقن بها شديدة جدا وآثارها شديدة وعنيفة على الانسان، وقد أوقفها الأطباء لعدم تحملى لها، تسببت فى فقدى لشهية الطعام والشراب وفى عدم القدرة على النوم والمشى والوقوف والقعود بمفردى، وبعون الله تحولت خلال هذه الفترة إلى شبه الطفل الذى ترعاه والدته.

فى شبابى انشغلت كثيرا بمعرفة إحساس من تجاوز الستين من عمره، هل يشعر بأنه أصبح عجوزا؟، هل يدرك أنه قد كبر وأصبح شيخا مسنا؟، هل عندما يقف أمام المرآة يرى نفسه فى شبابه أم فى هيئته الحالية؟

 كنت أطرح السؤال بصياغات غير مباشرة على بعض من اعرفهم من كبار السن، وأذكر أنى طرحته فى منتصف الثمانينات، وكنت فى العشرينيات من عمرى، على والد احد الأصدقاء بشكل مباشر، كان قد بلغ السبعين من عمره، قال: لا أشعر بأننى عجوز سوى عندما أصاب بمرض، أو عندما اشعر بأننى عاجز عن القيام ببعض الأشياء.

الزمن يأكل كل شيء حتى الذاكرة، يترك بصماته على أشكالنا الخارجية، وقد ينحتها فى أجسادنا، فقد نفد رصيدنا من القوة، ننحنى ونشعر بآلام فى المفاصل، ويضعف نظرنا، ويثقل سمعنا، ونتعثر عند القيام من مقاعدنا، ونمسك فى الدرابزين عند نزول أو صعود السلم، ونخشى عبور الطريق، حتى الرصيف ننزل من فوقه بجنب.

يقال إن الرجل يكتئب عندما يتقاعد عند بلوغه الستين من عمره، يدرك انه لم يعد له قيمة ولا فائدة، وأن وجوده أصبح مثل عدمه، أولاده يدركون مع الأيام كبره، وضعفه، وعجزه، وقلة دخله المادى، المبلغ الذى يتقاضاه كمعاش بعد أكثر من 30 سنة خدمة، لا يكفى العيش الحاف، بعض الأولاد ينصرفون عنه، وقد يتجاوز البعض فى حقه، فيصمت ويتمنى الموت.

 

[email protected]