رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تكملة للاقتراب من عالم الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون الذى بدأناه الأسبوع الماضى من خلال كتابه «ثورة ».. يروى ماكرون بطريقة سردية مشوار تعلمه وخبرته، فقد تربى فى بيت ينظر إلى «التعليم باعتباره تدريباً على الحرية».  ويضيف: علمتنى جدتى أن اجتهد منذ سن الخامسة، أقضى بقربها ساعات طويلة فى تعلم القواعد والتاريخ والجغرافيا، وفى المطالعة قضيت أيام بأكملها بعد المدرسة أقرأ بصوت مرتفع شعر موليير، ومسرحيات جان راسين، وكتابات وشعر جورج دوهاميل، وروايات فرنسوا مورياك وهو الكاتب المنسى، وروايات وقصص جان جيونو.

تلك كانت رفاهيتى وهى لا تقدر بثمن. كان لدى أسرة لا تقلق على، ولا يهمها شىء، أكثر من ذلك الامتحان، وصفحات الكتابة تلك. وهكذا قضيت حداثتى فى بيت الكتب، حياة سعيدة وسط القراءة والكتابة، كنت أعيش إلى حد بعيد على النصوص والكلمات.

لم يكن لدىّ سوى شيئين آخرين، البيانو والمسرح الذى اكتشفته فى سن المراهقة. وكان أن التقيت مع بريجيت (زوجته- السيدة الأولى) فى المدرسة الثانوية، من خلال المسرح. وجرت الأمور خفية ووقعت فى الحب.

يعترف الرئيس «ماكرون» بأنه كل يوم جمعة يتوجه ليكتب معها على مدى ساعات طوال مسرحية. استمر الأمر شهوراً. وصارت الكتابة ذريعة، وأخذت أكتشف أننى لطالما عرفتها وعرفتنى، فلماذا لا نكمل الطريق معاً. ويؤكد الرئيس «ماكرون» مراراً فى صفحات كتابه مشاركة بريجيت له طوال كل هذه السنين، حيث تزوجا عام 2007. ويستطرد قائلاً: «لم أفهم إلا فى وقت لاحق جداً أن إرادتها فى جمع حياتنا كانت شرط سعادتنا».

وعن فترة انتقاله إلى باريس، يقول الرئيس «ماكرون»: خضت أجمل المغامرات، جئت للإقامة فى أماكن لا وجود لها إلا فى الروايات، وسلكت طريق شخصيات روايات جوستاف فلوبير وفكتور هيجو. كان يحركنى التطلع الملتهب لشبان روايات أو نوريه دى بلزاك الطموحين.

يعترف الرئيس «ماكرون» بأنه على رغم اكتشافه فى باريس، مواهب فريدة حوله، عباقرة حقيقيين فى الرياضيات، إلا أنه فضل خلال السنوات الأولى الباريسية أن يعيش المنافسة بين الطلاب. يقول: «تملكنى هاجس أن أعيش الحياة مع المرأة التى أحببتها».

يشعر الرئيس «ماكرون» أن تلك السنوات ملؤها السعادة، من حسن حظه أن التقى حينذاك الفيلسوف الفرنسى المشهور «بول ريكور» فى لقاء جرى عندما كان يبحث عمن يؤرشف له وثائقه. تعرف إلى جانبه على أحداث القرن السابق، وتعلم التفكير فى التاريخ. علمه كيفية التفكير من خلال النصوص فى مواجهة الحياة، فى عملية تنقل مستمرة بين النظرية والواقع. علمه الرزانة التى يجب من خلالها فهم بعض الموضوعات وبعض اللحظات العصيبة.

ويستطرد الرئيس «ماكرون»: فى تلك السنوات، ما حركنى ليس مجرد الدراسة والقراءة، بل التصرف ومحاولة التغيير بشكل ملموس. وتوجهت نحو الحقوق والاقتصاد. واخترت العمل العام. وقمت بالتحضير لامتحان الدخول إلى المعهد الوطنى للإدارة.

كانت بدايتى كموظف حكومى فى سفارة فرنسا فى نيجيريا. وفى ذلك الوقت التقيت مع هنرى هرمان أحد رجال الأعمال الذى عرفنى بميشال روكار رئيس الوزراء الفرنسى الأسبق.

دراسة الرئيس «ماكرون» فى المعهد الوطنى، أفسح له المجال للاختيار. فعمل فى التفتيش المالى الذى كان أشبه باكتشاف قارة جديدة. قارة إدارية، فرأى فيها مفاتن التجديد. وقد تعلم الرئيس على مدى أربع سنوات ونصف العام دقة المراجعة وغنى التنقل فى الميدان، وخصوصية العمل السياسى.

بعد تلك السنوات ترك الرئيس «ماكرون» «وظيفة الدولة» ليعمل فى مصرف روتشيلد للاستثمار 4 أعوام، وبتوجيه من مصرفيين محنكين، تعلم تلك المهنة الغريبة المكونة من القدرة على فهم القطاع اقتصادى تحدياته.

يختم الرئيس «ماكرون» كتابه، بقوله: هل تظنون كل ما سبق هو مجرد أحلام؟. إنها الثورة الديمقراطية التى يجب أن ننجحها. هذا هو خيارنا الذى لا أعرف خياراً أفضل منه.