رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

عندما تنظر حولك، فى محيط مجتمعك الصغير، أو الأكبر تدريجيًا، فتجد الخطأ اصبح صوابًا، الظلم قد هيمن على العدل، والتف الأنصار حول الظالمين يصفقون لهم ويدعمونهم، عندما تجد الأقزام فى الفكر، العقل، العمل، الإبداع، والعطاء المجتمعى صاروا عمالقة بلا سبب واضح أو مبرر، والنقيض صح تمامًا، أصحاب الفكر، والقدرات المتميزة، والإبداع الخلاق، والكفاءات فى الخلفية، حقوقهم مهضومة، يقضون اغلب وقتهم للدفاع عن انفسهم ضد الظلم الواقع عليهم، أو الظلم الواقع على الآخرين، عندما تجد كثيراُ من الرجال المفترض انهم دعاة للدين أو شيوخه، قد خرجوا عن الطريق القويم، واصبحوا يهتمون بالقشور لا جوهر العقيدة، أو جنحوا للتطرف سرًا أو علانية، وعندما تجد الكثير من الشخصيات القيادية فى شتى مجالات الحياة والعمل، من المرضى النفسيين، المشوشين، مهزوزى التفكير، عديمى الشخصية، وقد قفزوا فجأة قفز القرود إلى الكراسى والمناصب، أيضا دون أى مبرر أو أسباب موضوعية منطقية يقبلها العقل، اذا وجدت كل هذا اعلم أن هذا المجتمع، أو الوطن يواجه مؤامرة كبرى، مؤامرة لهدمه وتخريبه عبر مخطط خطير من عدو له أو أكثر، وذلك دون الحاجة منهم إلى اطلاق رصاصة واحدة، أو استخدام أى قوة عسكرية.

وأـستكمل معكم ما بدأته المقال الماضي، من المحاضرة المطولة التى ألقاها توماس شومان العميل السابق للمخابرات الروسية على طلابه من دارسى تكتيكات الحروب الحديثة والاستخبارات، لهدم الشعوب وتخريب الدول دون استخدام السلاح، واستند فيها إلى نظرية الفيلسوف الصينى.

«سون تزو»، والذى يعد أول من صاغ أساليب التخريب، فهو من قال بعد أن تأمل طويلًا تنفيذ أساليب القتال التقليدية بين الدول المتعادية، قال إن أعلى فنون الحرب هى عدم القتال على الإطلاق، بل السعى المتعمد إلى تخريب أى شيء ذي قيمة فى دولة العدو، وتواصل هذا التخريب، حتى يأتى الوقت الذى يكون فيه ادراك عدوك للحقائق قد اصبح مختلًا، لدرجة انه لن يعد يراك عدوًا له، لأن نظامك، حضارتك، طموحاتك فى نظر عدوك أصبحت البديل عن نظامهم، حضارتهم، وطموحاتهم، وإن لم تكن بديلة تماما، فهى على الأقل مرغوبة، وهذا هو الهدف النهائى الذى يأتى فى آخر مرحل التخريب، بعدها يمكنك إسقاط عدوك بسهولة، دون أن تطلق رصاصة واحدة.

ويتم التخريب على أربع مراحل زمنية، أول عملية وببساطة شديدة هى إسقاط الأخلاق، ولتحقق ذلك فى بلد عدوك، ستتحرك فى المجالات التالية، الأول المجال الفكري، ويشمل الدين، التعليم، الإعلام، الثانى هو المجال البنيوى أى الذى تبنى عليه أسس الدولة، ويشمل القانون، النظام، العلاقات الاجتماعية، الأمن، السياسيات الداخلية.

ويركز التخريب فى مرحلته الأولى كثيرًا على الدين، وذلك على طريق تأجيج عمليات التجارة بالدين، التساهل فى أحكامه وشريعته، التلاعب فى مفاهيمه، تشويهه، الترويج لقضايا وإشكاليات فقهية غير هامة، كما يركز التخريب فى المجال البنيوى على السماح بتمرير تشريعات غير أخلاقية، تصعيد مفاهيم الحقوق ضد الالتزامات أو الواجبات، كما يتم التلاعب فى منظومة الأمن سواء المخابرات، الشرطة، الجيش،الأحزاب.

ونتيجة هذا التلاعب هو زعزعة الثقة والثوابت، تصاعد حالات الانتحار، تفشى الجهل، واللهاث وراء الصرعات والموضات والقشور والتفاهات من الأمور والشخصيات، والتقليد، والسير جماعة كسير القطيع، ولو نظرنا إلى هذه الخطة، لوجدنا أن النتيجة فقدان الثقة فى القانون، حدوث انشقاقات، عزلة مجتمعية، تفشى الكراهية، توجيه التهم بالتخوين والتشكيك، الانعزالية، بالتالى المحصلة هى جماهير ضعيفة، ومن ثم ضعف الولاء و الانتماء للدولة.

ولو نظرنا عن قرب، لوجدنا أن جوهر هذا المخطط الذى سأكمله بإذن الله فى الأسبوع القادم، لتخريب أو هدم دوله دون إطلاق رصاصة واحده هي، نفس مضمون وجوهر بروتوكولات حكماء صهيون، وللأسف أصبحت تطبق فى معظم دولنا العربية وبالتالى مصر منذ زمن بعيد، فلا ننكر أننا نعانى من هجمة شرسة، لهدم الدين بكل مؤسساته، سواء بالسخرية من رموزه، الاهتمام بالقشور الدينية ومظاهره وطقوسه دون الجوهر، كما تم استبدال المنظمات الدينية الكبرى بأخرى هزيلة.

 وللحديث بقية...

[email protected]