رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤيـة

فى تعليق بديع لقداسة البابا فرنسيس حول معايشة إنسان هذا الزمان أزمة كوفيد، قال «أظهرت الجائحة فشل تعبير «أسطورة الاكتفاء الذاتى» التى تضعف الروابط التى تربط المجتمعات بعضها ببعض، حيث أظهر الفيروس بلا رحمة اعتمادنا المتبادل وضعفنا المشترك، واعتمادنا بشكل جماعى على الدولة أكثر من أى وقت مضى، فكان التصفيق عند عتبات الأبواب للممرضات والأطباء وعمال الخدمة العامة الذين خاطروا بحياتهم ليساهموا فى استمرار الخدمات الأساسية هو بمثابة تذكرة أن حياتنا هدية وأننا ننمو من خلال العطاء لأنفسنا: لا نحافظ على أنفسنا، بل قد نخسر أنفسنا فى سبيل خدمة الآخرين.. يا لها من علامة تناقض مع الفردية والهوس بالذات وانعدام التضامن الذى يهيمن على مجتمعاتنا الأكثر ثراء...».

وهى رسالة رائعة من جانب رجل دين تحمل فى طياتها رسالة ودعوة للتأمل والتشوف والقراءة المهمة لتبعات وانعكاسات فعل ذلك الفيروس اللعين على مجريات حياتنا وسلوكياتنا، فهى إن كانت ابتلاءً واختباراً صعباً للبشر فى كل الدنيا، إلا أنها تعد بمثابة حدث كاشف ومحذر وآمر بضرورة إعادة اللحمة الإنسانية حتى لو كان فى التباعد الجسدى حياة، وبأهمية التعايش مع الفيروس والامتثال لتعاليم ونواهٍ فرض وجودها قتامة دراما جائحة النكد الأزلى، والأكثر أهمية نزع مفهوم «الاكتفاء الذاتى» من الأدمغة، فأبعاد الكارثة وتبعاتها تفرض الكثير من أنواع التعايش مع كل آخر قريب أو بعيد عنا، وفى كل حالاته، ومهما كانت تصنيفاته وانتماءاته، ومدى قربه أو بعده.. أياً كان جنسه أو جنسيته.. عقيدته أو مذهبه.. لونه أو تلونه.. إلى غير ذلك من تباينات التركيبة الإنسانية لذلك الآخر.. فقد بات ذلك الآخر شريكى فى طلب الحياة..

إنه التعايش المشترك الذى حدثتنا عنه «دار الإفتاء» فى بيان لها، من بين ما جاء فيه: «إن الله يضرب لنا مثلاً يحتذى فى الدعوة إلى البناء على المشترك المتفق عليه، فيقول سبحانه: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم) وتطبيقاً لأسس الاتحاد على المشتركات بصورة عملية نجد نموذجاً لذلك فى قوله تعالى: (اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم)..

نعم، التعايش لغة من تعايشوا: أى عاشوا على الألفة. وعايشه عاش معه، والعيش معناه الحياة. كما أن المفهوم الذى جاء على صيغة «تفاعل» اللغوية يقتضى، بالضرورة، علاقة تشاركية بين طرفين أو أكثر، مع وجود اختلاف بينهما أو اختلافات بينهم. وهذا يعنى أن قدرتنا على إدراك أهمية العيش المشترك، كقيمة عليا من قيم الحياة، لابد أن تكون نابعة من اعتقاد مشترك بين طرفين، أو أطراف تريد أن تتعايش، رغم اختلافهما. ولهذا فإن القيم المشتركة هى مركز ومحور عملية التعايش.

مع بداية فترة العزلة والانعزال فى البيوت بأوامر تعسفية وصعبة الوقع والأثر أصدرتها الطاغية المجنونة المدعوة «كورونا»، وعلى مدى أيامها الصعبة كان لقداسة بطريرك روما التعليق التالى أيضاً «إن فترة الحظر وسكوت الشوارع وامتلاء المستشفيات وتوقف العالم بشكل مرعب، أراها ربما تكون بداية، تقسم حقبة عن أخرى وهذه لحظة لنحلم، لإعادة التفكير فى أولوياتنا، ما نقدره، وما نريده، وما نسعى إليه لنلتزم بالعمل فى حياتنا اليومية لنحقق ما كنا نحلم به».

[email protected]