رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صكوك



 

في عام ١٩٢٧ميلادي  صنعت أول ثلاجة في العالم على يد "جنرال إليكتريك"، وفي الخمسينات كانت الثلاجات حكرا على الأسر الغنية والطبقات المتوسطة وفخر ربات البيوت  .. أما في السبعينات، لاقت الثلاجات رواجا وشعبية كبيرة بين الناس، وأصبحت في مصر تنافس "النملية " وهي عبارة عن دولاب يحفظ فيه الطعام بعيدا عن  النمل و الحشرات ولذلك سميت "نملية " ..وقتها كان الطعام لا يفسد بسرعة مثلما يحدث الآن.. و مع نهاية الثمانينات وبداية التسعينات  بدأت الأسر تستغني عن تلك النمليه وأصبحت الثلاجة في معظم البيوت و تحولت إلي أمر واقع حتى أن جهاز العروس أصبح لا يخلو من وجود الثلاجة والآن أصبحت من أهم ضروريات أي بيت غني أو فقير، و لا يمكن تحمل عطلها يوما واحدا .
 هذا ماحدث مع  " التوك توك"  ،الذي تحول من رفاهية الي ضرورة .. هذا الكائن الغريب الذي بدأ يغزو بلادنا مع الألفية الثانية .. مخلوق نشأ في الهند بلاد تركب الأفيال ، وسهل عليها ركوب صندوق صغير بعجلات ثلاث .. وفي مصر نقلنا  تلك المعجزة وتحولنا من مصدري حضارات الي ناقلي التشوهات ..
وانتقل إلينا هذا الصندوق بشكله الحالي ليفسد كل شيء ولكنه مع الوقت تحول إلى أمر واقع تماما مثل الثلاجة من الضروريات.
اتذكر اول وجود للتوك توك  ، وانا طفل حيث كان يحمل ثلاجة الآيس كريم  وتتهافت حوله الأطفال والكبار لشراء اجمل "ستيك".  
ومع الوقت تحول وبدلا من أن يحمل ثلاجة  الآيس كريم  اللذيذ أصبح يحمل الكوارث و الخطف والسرقات والحوادث .. وللأسف أصبح الآن المواطن المصري  لا يستطيع التنقل من أمام منزله إلى  أول الشارع لركوب الأتوبيس و مترو الأنفاق أو الميكروباص دون أخذ هذا الصندوق الصغير المتحرك  وسيلة انتقال ، وبذلك أفسد هذا الصندوق المتحرك الأجساد التي ركنت الى الراحة و الأمراض والضعف والسمنة ، ومع الاهتمام به وتدليله ، تحول هذا التوك الصغير الي عفريت متمرد ، يكسرويدمر كل شيء ،الصغير والكبير ، والسيارات قبل البشر احتجاجا على عدم تعظيمه واحترامه ليثبت للجميع  أنه  صغير ولكنه جبار ..
و في النهاية هو أمر واقع من المستحيل إلغاؤه أو مصادرته ، ولكن ليس من المستحيل تهذيبه .. ويبدأ التهذيب لمنع التعذيب بأهم خطوة وهو الاعتراف به في المرور وتحويله من مخلوق عشوائي يطيح في البشر دون محاسب حيث لا يحمل أرقام أو ترخيص عمل إلى آلة تنقل معترف بها ومرخصة تحمل أرقام وتعاقب بالمخالفات المرورية في حالة الخطأ ومخالفة قواعد وقوانين المرور و تسري عليه قواعد السيارات الأجرة والملاكي .. ومن تلك اللحظة لن تجد تلك الفوضى المرورية المنتشرة في الشوارع بسبب عشوائية هذا التوك توك الصغير..
علينا أن نذكره بأصله وأنه كان في البداية  مجرد  "ريكاشة " ياباني عربة  يجرها سائقها وتجري على عجلتين. وتطور فأصبح  آلة  مزودة بترس بدالين كالدراجة. ثم تطور أكثر وأصبح  بمحرك أطلق عليه  كلمة "توك توك"  التايلندية  الأصل والمستمدة  من صوت  مكينته عند تسارعها .
 وآتاكم من  الهند  مع الألفية  .. وتحول إلى أهم معالم العشوائية في مصر.. عليك الاستمتاع  بالحياة  والتحمل حتى لو أتاك التوك  .