عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

 

 

 

 

كلنا نحلم أن تكون مصر مثل كل الدول المتقدمة فى العالم.. فى كل شيء لا فى الأسعار فقط.. وهى معضلة لا أعرف حقيقة، سببها، فإن الأسعار فى مصر عالمية بينما المرتبات محلية جدًا! عاشت مصر سنوات طويلة هى جنة الفقراء.. واشتهرت بمقولة تاريخية مفادها.. فى مصر تستطيع أن تعيش بجنيه واحد فى اليوم، ويمكن أن تعيش بألف جنيه كذلك.. يعنى الكل يمكنه أن يأكل ويشرب، ويجد قوت يومه بمختلف الاسعار.. الفقير مثل الغنى، والضيف مثل صاحب البيت، والسائح مثل المواطن.. الجميع واحد يأكل من نفس الطبق ويتذوق نفس الرغيف.. فقط تتغير الأسعار بتغير المكان، ففى المطعم المكيف بسعر، وعلى عربة الفول التى تقف على ناصية نفس المطعم بسعر.. وكانت الدولة هى حامى حمى كل الطبقات الفقيرة والمتوسطة والغنية، من جشع التجار والمغالاة فى الأسعار.. ومنذ أن بدأ القطاع الحكومى ينافس القطاع الخاص فى رفع الأسعار.. تحولت الجنة إلى جحيم!

صحيح.. أن دوافع القطاع الحكومى يمكن أن تكون مشروعة فى رفع أسعار بعض السلع الضرورية فى ظل الانفاق العالى من المواطنين على سلع غير ضرورية، وصحيح هناك محاولات مستمرة فى زيادة المرتبات.. ولكن تسارع القطاع الحكومى فى رفع أسعار الخدمات بدعوى أن مثيلاتها فى بعض دول العالم بنفس القيمة، متجاهلا ارتفاع متوسط دخل الفرد فى هذه الدول فى مقابل انخفاض متوسط دخل الفرد فى مصر يأكل كل الزيادات وشجع القطاع الخاص على الجبروت فى رفع أسعار كل السلع والخدمات التى يقدمها على المواطنين بعين حمرة، بدون وجه حق، لتكون بالسعر العالمى!

وربما منذ سنوات كانت الأجهزة الرقابية تلعب دورا مهمًا فى الحد من ارتفاع الأسعار، ولكن هذا الدور الرقابى الحكومى كان مناسبًا فى أنظمة الحكم الاشتراكية والشمولية يوم أن كان مفتشو التموين يراقبون تطبيق التسعيرة الجبرية، ويطاردون أصحاب المحلات والدكاكين الذين يحاولون التلاعب.. كل ذلك لم يعد ممكنًا الآن فى نظام السوق المفتوح والمولات الكبيرة، ولكن هناك بدائل مثل قوانين تشجيع اﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ وﻣﻨﻊ اﻻﺣﺘﻜﺎر واﻟﻐﺶ اﻟﺘﺠﺎرى.. وغيرها للحد من جنون الأسعار!

وأعتقد.. يمكن للدولة أن تلعب دورًا آخر أهم من التسعيرة الجبرية، ومن مفتشى التموين، بل وأهم من زيادة المرتبات.. وهو العمل على توفير خدمتين أساسيتين للمواطنين بأعلى جودة وبأقل الأسعار.. وهما الصحة والتعليم، وهو ما تفعله الكثير من الدول، بحيث يتمتع المواطن بتأمين صحى وتعليمى بأسعار مناسبة ولن أقول مجانية، وفى المقابل يمكن رفع أسعار الخدمات الأخرى التى يمكن أن تكون اختيارية بالنسبة للمواطن ويستطيع التحكم فى حجم استهلاكه منها حسب قدراته وامكانياته!

ولكن.. أن يضطر المواطن لأن يدفع معظم دخله، للحصول على خدمات صحية وتعليمية من القطاع الخاص، لعدم توفرها بالمستوى المطلوب فى مستشفيات ومدارس الدولة، ثم تطالبه بأن يدفع كذلك قيمة كل الخدمات والسلع التى تقدمها الحكومة بما فيها مبيت السيارة أمام البيت وبنفس السعر العالمى.. طيب كيف ومن أين، بعد أن صرف كل مرتبه المحلى على الصحة والتعليم؟!

[email protected]