رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أنا من أشد المؤمنين بفائدة العلوم الاجتماعية، خاصة الدراسات التى تستخدم المقارنات عبر الزمان والمكان لإلقاء الضوء على الوضع السياسى فى العالم، والتصرفات الغريبة التى تحدث به، خاصة الوضع الامريكى الحالى، وسيطرة ترامب المستمرة حتى الآن واتباعه ليس فقط على مجريات السياسة، ولكن الحياة الاجتماعية والسياسية للمواطن الأمريكى، وهو خير مثال لسلوك النخب السياسية عبر مجموعة واسعة من الأنظمة الديكتاتورية، من روما كاليجولا إلى كوريا الشمالية لعائلة كيم، وتجد أوجه تشابه مذهلة، على الرغم من الاختلافات الشاسعة فى الثقافة والظروف المادية، فإن النخب فى جميع هذه الأنظمة تنخرط فى نفس السلوك إلى حد كبير، لا سيما «إشارات الولاء» و«تضخم الإطراء».

ومن المعروف أن «Signaling» وهو مفهوم مأخوذ فى الأصل من علم الاقتصاد، يؤكد أن الناس ينخرطون أحيانًا فى سلوك مكلف يبدو أنه لا طائل من ورائه كطريقة لإثبات أن لديهم سمات ذات قيمة للآخرين. على سبيل المثال، قد يعمل الموظفون الجدد فى البنوك الاستثمارية لساعات طويلة بجنون، ليس لأن الساعات الإضافية منتجة فى الواقع، ولكن لإثبات التزامهم بتغذية آلة المال.

وفى سياق الأنظمة الديكتاتورية، عادةً ما تتضمن الإشارات تقديم مطالبات سخيفة نيابة عن القائد وأجندته، وغالبًا ما تتضمن «عروض الولاء المقززة». إذا كانت الادعاءات مجرد هراء ومدمرة فى آثارها، إذا كانت هذه الادعاءات تهين الشخص الذى يقدمها، فهذه ميزات وليست أخطاء.

وبمجرد أن يصبح هذا النوع من الإشارات هو القاعدة، يتعين على أولئك الذين يحاولون إثبات ولائهم أن يذهبوا إلى أبعد الحدود لتمييز أنفسهم عن المجموعة. ومن هنا «تضخم الإطراء»: القائد ليس فقط شجاعًا وحكيمًا، إنه عينة جسدية مثالية، وخبير صحى لامع، ومحلل اقتصادى على مستوى نوبل، وأكثر من ذلك. حقيقة إنه من الواضح أنه لا شيء من هذه الأشياء يعزز فقط فعالية الإطراء كدليل على الولاء، وهذا ما فعله «الترامبيون» إلى الآن، رغم رحيل ترامب عن البيت الأبيض، لكنهم مازالوا يدعمون اراءه وأفكاره، حتى ولو ثبت عدم صحتها.

وفى الحقيقة أعلن العديد من الأشخاص، لسنوات أن G.O.P لم يعد حزباً سياسياً عادياً، فهو لا يشبه، على سبيل المثال، الحزب الجمهورى بزعامة دوايت أيزنهاور أو الديمقراطيين المسيحيين فى ألمانيا، لكنه يحمل تشابهاً متزايداً مع الأحزاب الحاكمة للأنظمة الاستبدادية.

الشىء الوحيد غير المعتاد فى تبنى الحزب الجمهورى مبدأ القائد هو أن الحزب لا يحتكر السلطة، فى الواقع، لسوء الحظ، فإن كل إشارات الولاء هذه تعرض أمريكا بأكملها للخطر. من شبه المؤكد أنها ستؤذى أعدادًا كبيرة من الأمريكيين فى الأشهر القليلة المقبلة.

فقد دفع السياسيون الجمهوريون والمؤثرون ذوو التوجه الجمهورى الكثير من المعارضة للقاحات Covid-19، وفى بعض الحالات شاركوا فيما يرقى إلى التخريب الصريح. وهناك علاقة سلبية مذهلة بين حصة ترامب فى تصويت المقاطعة فى عام 2020 ومعدل التطعيم الحالى.

لكن كيف أصبحت اللقاحات المنقذة للحياة مسيسة؟ الإجابة للأسف أن الجمهوريين اليوم يبحثون دائمًا عن طرق لإظهار أنهم ملتزمون بالقضية أكثر من زملائهم، وبالنظر إلى المدى الذى وصل إليه الحزب بالفعل، فإن الطريقة الوحيدة للقيام بذلك هى «الهراء والعدمية»، والدعوة إلى سياسات مجنونة ومدمرة، مثل معارضة اللقاحات، أى أن العداء للقاحات أصبح شكلاً من أشكال إشارات الولاء. ولكن لا ينبغى أن يُفهم من هذا أن الجمهوريين هم أصل كل الشرور أو أن خصومهم قديسون، الديمقراطيون ليسوا بأى حال محصنين ضد سلطة المصالح الخاصة أو إغراء الباب الدوار.

لكن G.O.P أصبح شيئًا مختلفًا، خاصة الموالين لترامب، لقد خلقوا لأنفسهم مجالاً سياسياً تتجاوز فيه مظاهرات الولاء المكلفة اعتبارات السياسة الجيدة أو حتى المنطق الأساسي، وقد يدفع  الأمريكان جميعًا الثمن.