رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

ذكّرتنى المآسى الوحشية التى ينتهكها الاحتلال الإسرائيلى فى فلسطين بالشاعر الألمانى اليهودى إريش فريد Erich Fried الذى وُلد فى فيينا فى عام 1921 ولم يكد يبلغ السابعة عشرة من عمره حتى أخذ النازيون والده وسجنوه، وبعد أربعة أسابيع من التعذيب والتنكيل أرجعوه إلى بيته، ولم يكد الوالد يدخل البيت حتى ضم ابنه وزوجه إلى صدره ثم فارق الحياة؛ وبداهة لم تكن تلك اللحظة لحظة خاطفة فى حياة «اريش فريد» وإنما تركت لديه أثرًا نفسيًا سيئًا صاحبه حتى وفاته فى 22/11/1988م فقد أحس بالظلم الذى خلق فى نفسه حقدًا ضد النازيين وأشباههم كالصهاينة.

وفى عام 1938 استطاع أن يأخذ أمه ويهرب إلى لندن ويعيش هناك ليلتحق بعد ذلك بمؤسسة الـB.B.C كمعلق، ولم تكن حياة اريش فريد كما مر بنا منذ نشأته فى فيينا ثم فى لندن وأخيرًا فى ألمانيا سوى حياة روح متعبة تبحث عن الإنسان، وصوت معبر عن المظلومين والمطحونين فى كل مكان بالعالم. إذ إنه استطاع بدهاء شديد أن يجعل من حروف قصائده منظومة للفقراء وسيلًا جامحًا ضد الظالمين، مؤمنًا أن العدل هو الأبقى حتى تبقى تلك الحياة، ولذلك عبر كثيرًا عن المظلومين فى شيلى، وفيتنام، وجنوب أفريقيا، بل عن الفلسطينيين كصوت أزعج الصهيونية العالمية كما سنرى فطاردوه والنازيون معًا مهدرين دمه!!

وحتى موته فى 1988 ظل اريش فريد نصيرا للحرية، بيد أن مرضه فى سنواته الأخيرة بالسرطان جعل قصائده تمتزج بظلال الموت، ولم يكد ينشر ديوانه HORE،ISRAEL «إسمعى يا إسرائيل» فى عام 1983 منددًا بتلك الوحشية الصهيونية على نحو ما نرى فى القصائد التى ترجمتُها كنماذج لمعاناة هذا الشاعر المريرة لما يقاسيه الفلسطينيون من تعذيب وتنكيل، لم يكد اريش فريد يخرج هذا الديوان حتى اتهمته الأوساط السياسية فى بون بمعاداة إسرائيل وهو يهودى كما قلتُ آنفًا، ولكنه لم يخف بل صرخ فى وجوههم «اغربوا يا أحفاد هتلر، وكفاكم ما فعلتموه من قبل بالأنبياء» بل إنه فى ديوانه «اسمعى يا إسرائيل» يقول فى مفتتح مقدمته (هذا الديوان صوت ضد الظلم الذى يقع على الفلسطينيين)... ثم يختم المقدمة بقوله: «إن وقوفى مع الحق الفلسطينى لن يتبدل أبدا» ويذكّر اليهود فى قصائده بما جرى لهم فى أوروبا وما يحاولون أن يفعلوه مع الفلسطينيين الآن ملوّحًا لهم بأن التاريخ لن يغفر لهم تلك الوحشية، ويحصى فى قصيدته «قليل منكم» أفعالهم الوحشية فى دير ياسين، وكفر قاسم، وبحر البقر، وابى زعبل، والبريج، ولبنان، وصابرا وشاتيلا، ثم يسخر منهم فى نهاية القصيدة قائلًا: «وبعد ذلك تقولون: الفلسطينيون إرهابيون.. أى إرهاب يعادل ما تفعلونه؟؟!».

< خاتمة="">

قال إريش فريد مخاطبًا الإسرائيليين: «اسمعى يا إسرائيل: يجب على أن أدخل المرارة فى آذانكم، تلك التى مُلئت بالأكاذيب، لكن ظلمكم كان كبيرًا،لأنكم أخذتم الأرض ممن يرثها،ها أنتم أظلم المستعمرين».