رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

رؤى

قبل سنوات كنت قد صورت بعض وثائق الثورة العرابية، ولم يكن بينها محاضر التحقيقات، مجرد مراسلات وتلغرافات وبيانات، وفتوى تكفير الخديو توفيق وخروجه من الملة لاستعانته بالإنجليز ضد جيش بلاده، عدت إليها رغم ثقتى بعدم العثور على ما نبحث عنه، لكن المدهش أن إحدى الوثائق التى أهملت قراءتها قبل سنوات لرداءة الخط وصعوبته وصغره، كانت هى الوثيقة التى شكا فيها الشيخ الإمام لمحاميه برودلى باهانته داخل السجن:

«إننى مع احترامى لعظمة الخديو المعظم، حفظه الله، أقول: إن إبراهيم أغا التتونجى دخل عندى يوم الخميس 25 ذى القعدة، وشتمنى، وكان معه جملة من شواشية المعية السنية، جاءوا لأجل تفتيش أودتى(حجرتي/ الزنزانة)، وبعد التفتيش بغاية الدقة، أخذوا من عندى ثلاث مجلدات: مجلدين من كتاب «العقد الفريد» فى علم الأدب، والمجلد الأول من «تاريخ ما توسط من القرون» ترجم من الفرنساوى للعربى بطبع مصر، ولما سألت حامل المجلدات: إلى أين تأخذ الكتب؟، وقلت له: إن كان ولا بد من أخذها فأوصلها إلى بيتى، قال لى: وهل لك بيت؟، ومكثت بعد ذلك ثمانية عشر يوماً لا يدخل عندى مكتب ولا مقروء من أى نوع كان، حتى جاء عندى أحد رجال الدولة الإنجليزية يسأل عن حالى، فطلبت منه الإذن بدخول المصحف، فأذن لى به، فكان لى بذلك فرح كأنى خرجت من الحبس.. محمد عبده، 14 ذو الحجة سنة 1299» (الموافق 27 أكتوبر سنة 1882).

هذه الوثيقة الوحيدة التى تقطع بإهانة الشيخ الإمام داخل محبسه، بالإضافة إلى روايته الشفوية إلى المحامى برودلى، وإلى مستر بلنت، وهو ما يعنى ضياع محضر التحقيقات الخاصة بالشيخ فى واقعة ضربه وإهانته، أو أنها لم تنشر وقتها مجاملة للشيخ حفاظاً على وقاره، وربما لأنه حاول استعطاف الخديو خلال فترة محبسه.

فقد حفظ لنا تلميذه الشيخ رشيد رضا بعض مخطوطات أستاذه الإمام التى لم ينشرها فى حياته، وقام رشيد بنشرها ضمن أعماله الكاملة بعد وفاته، وكان ضمن هذه المخطوطات قصيدة شعرية كتبها محمد عبده فى محبسه، هاجم فيها عرابى وأصحابه، ومسودة كتاب لم يكتمل بخط الإمام عن الثورة العرابية، كتبه بتكليف من الخديو عباس الثانى نجل الخديو توفيق، هاجم فيه بعنف عرابى وصحبه، وأغلب الظن أن مسودة هذا الكتاب على قدر كبير من الخطورة، وما جاء بها من هجوم حاد على الزعيم أحمد عرابى وصحبه، يحتاج إلى دراسة جادة، خاصة أن الشيخ الإمام قد سبق وكتب عكس ما جاء فى المسودة، كما أنه فى هذه المسودة قام بتصفية حساباته مع بعض خصومه، وهو ما نوضحه بشكل مفصل فى مقال آخر.

[email protected]