رؤى
يبدو والله أعلم أننى لى قرين، ربما من الإنس، وربما، ربنا يحفظنا، من الجن، هذا القرين يحمل اسمى ورقم محمولى ويعمل بالصحافة، لم أره، ولم أسمع به، لكننى بدأت أشك بوجوده منذ شهور بسيطة، الاختلاف بينى وبينه أنه يسرح فى محافظات الصعيد، ويعمل فى تهريب الآثار، أخبار قرينى هذا تصلنى ممن يتعاملون معه فى التنقيب عن الآثار وبيعها، وقبل أن يورطنى، وأفاجأ فى أحد الأيام بشرطة الآثار تداهم المنزل، وتقلب البيت بحثاً عن الآثار، قررت بعون الله أن أتقدم ببلاغ رسمى ضده.
ما يقلقنى أنه، كما سبق وقلت، يحمل نفس الاسم، ويتحدث فى محمول بالرقم الذى أستخدمه منذ سنوات طويلة، فى البداية اعتقدت أن قرينى هذا يشبه قرينك يا زواوى، قصير أو طويل القامة ولا يشبه قرينه، لكننى فوجئت بأنه الخالق الناطق أنا، رسماً وجسماً واسماً ومحمولاً، وأخشى ما أخشاه أن يخلط رجال الشرطة بينى وبينه ويلقون القبض علىّ.
حديثى عن قرين ليس من باب الفانتازيا، طق حنك يعنى أو فتح صدر، أو فشراية من فشرات أبولمعة رحمة الله عليه، بل هو واقع وحقيقة واجهتها وأواجهها منذ شهور، صحيح أن قرينى هذا مجرد ظنون لم ترقَ لحقيقة، وصحيح أننى لم أره أو أسمع صوته، لكن أفعاله تلاحقنى عبر المحمول، وقد تشوه تاريخى وسمعتى، ولكى لا أطيل عليكم، أحكى لكم بعض الوقائع باختصار شديد.
قبل شهور، ربما أربعة شهور، تلقيت تليفوناً:
ــ أستاذ علاء
ــ نعم
ــ أنا فلاح من قرية ببنى سويف، وتليفونك أخذته من ابن عمى
ــ خير، تحت أمرك
ــ وأنا بحفر فى الأرض، ربنا كرمنى ولقيت قطعة آثار
ــ جميل وبعدين
ــ وعايز أبيعها
ــ بس دى ملك الدولة
ــ تييت تيييت فى الدولة
هذه المكالمة تلقيتها أكثر من مرة، مع اختلاف الصياغات، مرة توصل لمحمولى من ابن عمه، ومرة من أحد أقاربه، وجميع هؤلاء يعملون بالزراعة، ويعثرون بالمصادفة على قطعة أو قطع آثار، ويتصلون بى لكى أصرف لهم البضاعة، ومحمولى بحمد الله مع شقيقه أو ابن عمه أو صديقه، يعنى شهرتى فى تصريف البضاعة ذائعة مثل الطبل فى قرى الصعيد.
تلقيت الأسبوع الماضى مكالمة، وكان المتحدث من قرية بمحافظة بنى سويف، ومحمولى كان ضمن أوراق شقيقه، وقبل أن يستكمل أكملت أنا الحدوتة، فقطع الخط، مش بقول لكم: الموضوع مقلق، تكرار المكالمات، وتعدد الشخصيات، ومطالب بتصريف البضاعة، بصراحة أنا شاكك فى نفسى، إما أننى بمشى وأسافر إلى الصعيد وانا نائم، أو أن هناك قريناً، وفى الحالتين أضع هذه الوقائع أمام مباحث الآثار، إما تضبطنى نائماً أو متلبساً فى قرينى، المهم نضع حداً لهذه المسألة.