رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كان لى شرف الالتقاء بمعالى وزير البترول السعودى الشيخ أحمد زكى يمانى الذى غيبه الموت عن واحد وتسعين عامًا الثلاثاء الماضى بالعاصمة البريطانية لندن، وذلك قبل خمسة عشر عامًا بمنزله بمدينة جدة السعودية.. ذهبت للرجل لإجراء لقاء صحفى وفى ذهنى الكثير عن هذه الشخصية العربية والعالمية شديدة الخصوصية والتكوين.. الشيخ أحمد زكى يمانى لم يكن مجرد وزير بترول استمر بمنصبه من عام 1962 وحتى عام 1986، ولكنه كان دولة من الرجال الحكماء انصهرت فى رجل واحد.

وليس هناك من شك فى أنه أضفى على الدولة السعودية التى كان عمرها يوم شغل منصبه ثلاثين عام (تأسست المملكة فى 23 سبتمبر 1932) من صفاته الشخصية الكثير والكثير، للدرجة التى كان الكثير من شعوب العالم فى حقبة السبعينيات والثمانينيات يربطون بين اسم السعودية واسم الشيخ زكى يمانى.. وهناك بعد عالمى فى شخصية الشيخ زكى يمانى يتصل بدور الرجل فى جعل النفط ليس مجرد ثروة طبيعية وإنما أصبح بعد يمانى سلاحًا سياسيًا وراسمًا للخرائط ومحددًا للعلاقات الدولية.. الشيخ أحمد زكى يمانى ولد قبل الإعلان الرسمى عن الدولة السعودية الحديثة بعامين (30 يونيو 1930) وأنهى تعليمه الأساسى بمدارس مكة المكرمة، ثم التحق بكلية الحقوق جامعة القاهرة، ومن القاهرة أكمل دراساته العليا بالولايات المتحدة الأمريكية بجامعتى نيويورك وهارفاد.. ثم عاد الشاب الحجازى لبلده بشخصية جديدة وغنية بالعلم وتجارب الحياة فى فترة الحرب العالمية الثانية وما بعدها.

بدأ الشيخ زكى يمانى حياته العملية مستشارًا قانونيًا لمجلس الوزراء السعودى ثم وزير دولة وعضو مجلس وزراء عام 1960 ثم المنصب الأشهر الذى اتخذ صفة العالمية كوزير للبترول لقرابة الربع قرن.. عاصر زكى يمانى كوزير للبترول أربعة ملوك هم سعود وفيصل وخالد وفهد.. عندما التقيته كانت سيرة الرجل وأدواره الإقليمية والدولية ماثلة أمامى، وكنت أعلم من قريبين منه أنه الآن (عام 2005) فى مرحلة تأمل واطلاع واسع.. عندما قابلته لم أشعر – وربما بأدبه الجم لم يشعرنى بهيبة اللحظة فى حضور شخصية دولية كان يعامل صاحبها من قبل زعماء العالم كأمير لأهم ثروة فى باطن الأرض تحرك الأحداث وأحياناً تشعل الحروب على سطحها.. ومن لا يعرف الكثير عن سمات الشخصيات الحجازية فى السعودية – فإن الشيخ أحمد زكى يمانى كان حاملًا لكل أبعاد ثقافة وتقاليد هذا الإقليم الأثير حتى لدى الملايين فى العالم الإسلامى.

كثيرون كتبوا عن الشيخ أحمد زكى يمانى ومنهم خبير النفط العالمى الكاتب «دانيال يرغن» الذى تناول شخصية عراب النفط فى كتابه المهم المسمى بـ«الجائزة» قائلًا «أصبح يمانى بالنسبة لصناعة النفط العالمية وللسياسيين وكبار الموظفين وللصحفيين وللعالم بأسره ممثلًا لعصر النفط الجديد، بل رمزًا له.. وبات وجهه، بعينيه البنيتين الكبيرتين اللطيفتين، ولحية فان دايك المشذبة والمنحنية قليلًا، مألوفًا لكوكب الأرض»..

قيمة الراحل الشيخ أحمد زكى يمانى ستظل طويلًا حتى بعد غروب عصر النفط، لأن اليمانى سيبقى بين صفحات التاريخ الرجل الذى منح منصبه جائزة عالمية، وارتقى به إلى مصاف شهرة وجاذبية نجوم هوليوود وحائزى جوائز نوبل.. من تجليات هذا الرجل النبيل حتى آخر لحظة فى حياته أنه ترفع عن الكلام المباح وغير المباح وحمل تاريخه على ظهره راضيًا بما قدم لبلاده وأمته.. رحم الله الشيخ أحمد زكى يمانى أهم وأشهر وزير نفط فى التاريخ الحديث، وأكبر مستودع إنسانى لتجارب الحياة والناس.