رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

 

بعض الأحداث التاريخية يصعب اختزالها، أو محوها من الذاكرة بسهولة.. لذلك تحتاج ذاكرة الأمم، بين فترة وأخرى، إلى عملية تنشيط سريعة، وإعادة استرجاع حِقَبٍ ومشاهدَ لم تزل عالقة بالذهن، لاستلهام الدروس والعِبر.

للأسف، قد تُساعد بعض الشعوب، بضعف ذاكرتها، ونعمة النِّسيان التي تُحسد عليها، أن تُصاب بـ«متلازمة ستوكهولم»، تعاطفًا ودفاعًا عن كل مَن أساء إليهم.. فتُظهر الولاء لهم والدفاع عنهم، إما بالصمت أو الحياد!

لذلك تبدو محاولة فهم طبائع النفس البشرية، من حيث الخير والشر، مهمة معقدة للغاية، خصوصًا عندما تؤمن «الضحية» بنفس أفكار وقِيم «الجاني»، بل وتدافع عنها، لأنها بذلك لا تعتبرها تهديدًا أو تخويفًا، بقدر ما يكون ارتباطًا عاطفيًا!

الظهور الإعلامي الأخير والمفاجئ بعد سنوات، للسيدة «رغد» ابنة الرئيس الراحل صَدَّام حسين، يُعيد إلى الأذهان ما حدث خلال العقدين الأخيرين من تغييرات جوهرية بالخارطة السياسية، في عدد من البلدان العربية.

في تلك الدول فشلت محاولة حكامها تحقيق أحلامهم بالتوريث لأبنائهم، فاضطر «مبارك» للتنحي والتخلي عن الحكم تحت وطأة المطالبة الشعبية برحيله، كما أُرغم «علي عبدالله صالح» على التنازل عن الحكم، مقابل عدم ملاحقته قانونيًا.. أما «القذافي» فقد لقي حتفه على أيدي الثوار، في مشهد بائس!

لكن هذا الحلم الذي ظل يراود الكثيرين، تحقق في سورية، حيث تمكن «بشَّار» من خلافة والده في الحكم، فتم تغيير الدستور خصيصًا لتحقيق رغبة «حافظ الأسد».. ومنذ العام 2011 وحتى الآن، يواجه «ثورة» اختلط فيها الحابل بالنابل!

وفي العراق، لم يُمهل القدر «القائد المهيب صَدَّام» من استخلاف أحد ابنيه «عُدَيّ» أو «قُصَيّ»، وذهبت جميع محاولاته في «التوريث» أدراج الرياح، بعد ارتكابه خطايا وفظائع على مدى عقود، لا يتسع المجال لذكرها!

اللافت أنه بين فترة وأخرى، يخرج علينا أحد أبناء الرؤساء السابقين الذين استولوا على الحُكم بالقوة، وسقطتْ أنظمة حُكمِهم أيضاً بالقوة، في إطلالة إعلامية، للحديث عن لعبِ أدوارٍ سياسية مستقبلية في بُلدانهم.. على طريقة «عفا الله عما سلف»!

هؤلاء الذين يعيشون خارج الزمن، في رغد وثراء فاحش، يحاولون العَيْش في وَهْمِ أحقيتهم بكرسي الحكم، واستعادة ما سُلِب منهم، كحق أصيل ومُكتسب.. لذلك نراهم يمتدحون بشدّة عهُودَ حُكمِ آبائهم، ويُفاخرون بتلكَ الحِقَب، من دون اعتراف بأخطاء جسيمة ارتُكبت بحق بلدانهم وشعوبهم!

لم يشغل بال هؤلاء ما فعله آباؤهم من قتل وتعذيب وتشريد وتهجير، أو تبديد ثروات أوطانهم وتسخيرها بما يُفيدُ دوامَ أنظمتهم، وما قاموا به من إلغاء للحياة السياسية وتجريفها، واحتكار مطلق للسلطة، وتهميش الشعوب وتحويلها إلى قُطعانٍ تسير خلف الزعيم المُلْهِم والأوحد!

أخيرا.. هؤلاء لم يسألوا أنفسهم، ماذا قدَّم آباؤهم غير استقدام كافة القوى الخارجية للتدخل في شؤون أوطانهم، التي أداروها بالاستبداد والفساد والظلم والقهر والفقر والصراعات والحروب الأهلية والتقسيم.. فامتلكوا كل شيء، ولتذهب الشعوب إلى الجحيم؟!

 

فصل الخطاب:

ذاكرةُ الشعوب قد تضعف أحياناً.. لكنها بالتأكيد لا تُمحى للأبد!

 

[email protected]