رؤى
قال لى: إن الخلوة اتغيرت خالص عن زمان، دخّلوا فيها الغاز، وبطّنوا الترعة اللى أمام البيت، مدارس، وشبكة تليفونات فايبر..
عرفت هذه القرية فى السبعينيات، عندما كنت طالباً بكلية الآداب جامعة طنطا، كان يعيش فيها الصديق العزيز منصور صبحى الدوش، تقع على بعد عدة كيلومترات من مدينة طنطا، كنا مجموعة أصدقاء وزملاء فى كلية الآداب، بعضنا فى قسم الفلسفة، وبعضنا فى قسم اللغة العربية، وبعضنا فى قسم الاجتماع، وبعضنا فى قسم الجغرافيا.
ركبنا الأوتوبيس المتجه لمدينة كفر الزيات، التذكرة للخلوة أو قرية شبرا النملة كانت بقرش صاغ، ننزل أمام مسجد الحصرى على الطريق الزراعى ونسير على طريق ترابى غير ممهد حتى الخلوة.
منصور حصل على الدكتوراة فى الجغرافيا البشرية، ويدرس فى أكاديمية كنج مريوط، صداقتنا لم تنقطع، منزل عائلته، عمى صبحى الدوش رحمة الله عليه وإخوته، مكون، على ما أتذكر، من طابقين من الطوب اللبن، كنا نفرد حصيرة أمام المنزل ليلاً أمام الترعة ونسهر حتى الصباح، كانت الخلوة مثل سائر القرى خلال هذه الفترة بدون كهرباء أو مياه او صرف، قرية أقرب للنجع تتبع قرية شبرا النملة، أو كنا نسير وسط الزراعات حتى قرية كفر الشوربجى لقضاء السهرة عند الصديق فؤاد سعد رحمة الله عليه، التنسيق أدخله قسم الرياضيات بكلية التربية بجامعة الإسكندرية، أنهى السنة الأولى وانتقل إلى تربية طنطا، توفاه الله قبل عشر سنوات.
منصور كان فى زيارة لإخوته فى القرية، نزل مدينة طنطا قبل صلاة الجمعة، بعد أداء الفريضة بمسجد السيد البدوى اتصل بى لكى يطمئن على صحتى، ووصف لى التغييرات التى وقعت على ميدان محطة السكة الحديد، والعمارات الشاهقة التى غيرت من شكل المنطقة، وأخذنا الحديث إلى ذكريات الشباب فى السبعينيات، وسألته عن الخلوة، حكى لى بسعادة بالغة، قال لى كلما نزلت البلد أفاجأ بالجديد، البلد تغيرت جداً، مدوا خطوط الغاز، جددوا شبكة المياه والمجارى، غيروا خطوط التليفون من نحاس إلى فايبر، فاكر الترعة اللى قصاد بيتنا، بطنوها خرسانة، البلد أصبحت أقرب للمدينة.
ــ قلت له: آه، ما الحكومة شغالة فى مشروع تطوير القرى.
ــ ده مشروع جبار، شكل البلد اتغير، والله ما يجرى فى حكم السيسى لم يحدث.
ــ يا ولد يا سيساوى.
ــ والله بجد، الشغل فى كل مكان، يا ريت تيجى وتشوف بنفسك.
ــ عندك حق البناء والتغيير فى كل مكان.
منصور كلف عبدالرحمن ابن شقيقه بتصوير بعض التغييرات التى جرت بالقرية وإرسالها، الترعة أصبحت أسمنتية، الخلوة لم تعد الخلوة التى عرفناها قبل أكثر من 40 سنة، كل شىء تغير، حتى البشر.