عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

كثيرا مايسألنى السائلون عن العلاج بالفلسفة فى نبرة تعجب وربما بنبرة سخرية وعدم تصديق! هل ثمة ماتقدمه الفلسفة والتفلسف لانسان العصر الحالى الذى تحاصره المشكلات  والجوائح من كل جانب ويعانى الكثير من صور الضجر والكآبة رغم كل مايستمتع به من تقنيات تملأ عليه وقته ورغم كل صور التقدم التى مكنته إلى حد ما من أن يعيش عصر الرفاه والاشباع المادي؟!

والحقيقة أن هذه التساؤلات  الساخرة قد ازدادت مع انتشار هذا الفيروس اللعين «كوفيد 19» الذى أجبر البشر - كل البشر فى كافة آنحاء العالم على العزلة والالتزام الشديد باجراءات جعلتهم يزدادون كآبة وخوفا، فالفيروس الخفى سريع الانتشار ولايرحم فهو سرعان مايفتك بفريسته ويقضى عليها مستغلا أى تهاون أو استهتار!!

ومع كل ذلك ولكل السائلين أقول إن العلاج بالفلسفة ربما يكون أشد نجاعة فى مثل هذه الظروف التى يواجه فيها الفرد المنعزل المعزول أعراضا مثل هذه المخاوف المقلقة ربما لأنها تتعلق بمجهول لم يستطع الانسان بكل تقدمه وجبروته العلمى أن يتعرف على هويته الحقيقية بعد!. إن فلسفة كل هذه المخاوف والتخلص منها يكمن فى أن ينظر الانسان إلى هذه الجائحة وأمثالها مما يخفيه القدر على المستوى الفردى والجمعى نظرة أكثر شمولا ورحابه وأن يحاول تغيير نمط تفكيره التشاؤمى هذا تجاه أى من الظواهر المقلقة والأحداث المؤلمة . لقد عاش البشر فى الأزمان السابقة الكثير من الأزمات والجوائح وواجهوها بالصبر عليها وتغلبوا عليها فى النهاية بسلاحى التأمل و العلم . وكم كان فلاسفة الرواق فى العصر الرومانى رائدين ومؤسسين لأهمية التأمل العقلى والنظرة الشمولية والعلاج بالفلسفة . انظر إلى ابكتيتوس أحد أعلامهم(توفى 135م)وهو  يقول : إن العالم الذى ندركه يبدو أو يظهر لنا وفق أفكارنا ووفقا لما نتعرف عليه بوجه عام . إن هذه الجملة البسيطة تحمل جوهر ماندعوه اليوم العلاج بالفلسفة ، فإذا ماأراد الانسان أن يغير حياته ويحولها من حال إلى حال فما عليه إلا أن يغير أفكاره ونظرته  إلى  هذه الحياة ، ماعليه إلا أن يوسع من عقله وفكره فلا يقف عند النظر فى الجوانب السلبية فى أى ظاهرة أو أى مشكلة يواجهها ، إذ أن أى ظاهرة من هذه الظواهر لها جوانبها الايجابية بقدر بل ربما أكثر من جوانبها السلبية ، وفى هذا الاعتقاد البدهى تكمن امكانية اعادة صياغة التفكير فى حل أى مشكلة يواجهها الانسان حيث سيعيد صياغتها والنظر إليها من منظور أكثر شمولا ليكتشف جوانب ايجابية ينفذ منها إلى شعور أكثر تفاؤلا وأكثر ايجابية  إذ أنه لامشكلة بلا حل .

وعن اعادة صياغة تفكيرنا ازاء أى مشكلة يمكننا أن نفكر فيها على النحو التالى الذى رسمه لنا ايدموند ج. بورد وأمثاله من المعالجين بالفلسفة : علينا التسليم بأن المشكلة بكل تداعياتها ستأخذ وقتها وتمضى ، كل ماهنالك أن علينا أن نأخذ وقتنا لحلها والتغلب عليها إذ أنه وكما قلنا سابقا لامشكلة بلا حل . ولنعترف أنه من الجيد أن نخفف من وطأة الموقف علينا بأن نجد فيه بعض الطرافة والفائدة . و ننظر فيما يمكن أن نتعلمه من هذه المشكلة ونحن نعمل على مواجهتها وحلها و نوسع دائرة تعاطفنا وشعورنا بالشفقة تجاه من يعانون من نفس المشكلة وعلينا دائما أن نعلم بأن المشكلة – أى مشكلة ليست بهذا القدر من السوء الذى تصوغه أفكارنا ازاءها، و علينا أن ندرك أن مايزعجنا أو يخيفنا أو يقلقنا ليس هو أسوأ شئ فى الحياة على أية حال ، وعلينا أن نثق فى حتمية حل المشكلة وزوالها أيا كانت ومهما كانت تداعياتها., وعلينا أن نثق عموما بأن المشاكل أيا كانت تحل نفسها بنفسها فى النهاية على نحو أو آخر ومهما كانت الأضرار التى تترتب عليها . وعلينا التسليم من البداية إلى النهاية بأن كل شىء بارادة الله الخالق وأنه القادر دوما على مساعدتنا وشمولنا برعايته وفضله . وهذا الأمر الأخير أيا كانت الديانة التى يؤمن بها المؤمن ستجعله أكثر قدرة على التكيف مع أى مشكلة مهما كانت خطورتها وتداعياتها ، كما ستجعله أكثر ثقة فى أن الله كما ابتلاه بالمشكله سيساعده على حلها .

إن العقل الانسانى بتأملاته الفلسفية ورحابة الفكر الممكنة لديه يمكنه أن يواجه أى مشكلة ويحلها بشرط أن يتفاعل معها بطريقة ايجابية ولايستسلم معها للهواجس والمخاوف..