عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

 

هذه لم تكن سنة.. هذه سنوات مريرة فى سنة واحدة.. تجمعت فيها كل الأزمات، والنكبات والكوارث.. هى سنة الأحزان بلا منازع، وسنة الفراق المؤلم بلا رحمة، وسنة الوداع التى جفت فيها الدموع من كثرة البكاء.. هى مأساة حقيقية تضاءلت أمامها كل المآسي.. سنة علمت الإنسان ما لم يعلم.. هددت وجوده، ومازالت، تخرّب فى نفوس البشر، وتنقش على أرواحهم بنصل حاد مسنون أقسى علامات الموت!

سنة أزلت دولًا وعصفت بحكام تصوروا أنهم ملكوا العالم ومن عليه.. حكامًا تلاعبوا بشعوبهم وبشعوب دول أخرى.. وكادوا يملكون الدنيا وما فيها، أو تخيلوا أنهم امتلكوها.. فحاصرهم فيروس لا تراه عيونهم، وتمكن من الوصول إليهم كمثل أى فقير مظلوم على قارعة الطريق، ولم تحمهم كل الجدران العالية التى لاذوا بالفرار خلفها.. وأصاب بعضهم وأطاح بالبعض من على عروشهم!

وهى سنة العدل والمساواة فى تهديد حياة من تخيلوا أن حياتهم لن يهددها شيء.. ولكنها حاصرت الجميع حكامًا ومحكومين، وأفقرت الأغنياء وضربت أجراس الخطر ليقتربوا من الفقراء، وكانت إنذارًا للطغاة للعودة إلى صوابهم للرأفة بالمظلومين، وكانت بمثابة فرصة للفاسدين أن يعيدوا على الأقل التفكير فى فسادهم!

وهى كذلك سنة العلم والعلماء.. لا سنة السياسة والسياسيين.. وهذا أفضل ما تحقق فيها.. الاعتراف بالعلم كسلاح حقيقى ووحيد للنجاة فى الحياة، فى مواجهة سلاح السياسيين القاتل.. تجار الموت والدمار الذين فجروا دولًا بشعوبها من الداخل بلا رحمة أو هوادة.. فجاء فيروس يفجرهم من الداخل كذلك ويعرى نفوسهم وسياساتهم لعل وعسى يعودون إلى رشدهم وإنسانيتهم بعد انحسار الفيروس!

هى سنة الإقرار بأن أمن العلم أكثر أمنًا من المؤسسات الأمنية، وأن بناء المؤسسات العلمية أجدى من بناء مصانع السلاح والسجون، وأن رعاية العلماء ومراكز البحوث أنفع للبشرية من رعاية المتطرفين والإرهابيين!

ولكن.. فى هذه السنة اكتشفنا أن هناك فيروسات أخرى فى حياتنا أكثر شراسة وضراوة من فيروس كورونا.. فيروسات تعيش بيننا ومعنا منذ سنوات، وهى سبب تخلفنا ووراء تراجع تقدمنا.. وكانت، ومازالت هى الأسرع انتشارًا والأكثر ضررًا، والأصعب أثرًا.. هى فيروسات الظلم وغياب العدالة، واستغلال السلطة والنفوذ، والجبروت والطغيان على الدول والشعوب.. هى فيروسات الجهل والمرض والفقر، والفساد، وسوء الإدارة وسوء التقدير فى توفير أقل الاحتياجات الأساسية للشعوب من صحة وتعليم وكرامة ورعاية اجتماعية وإنسانية!

ربما.. اللقاح يصلح ما أفسده فيروس كورونا.. ولكن من المؤكد أن العدل وحده هو قادر على إصلاح ما أفسده المفسدون بين الشعوب.. وبين الدول!

[email protected]