رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤيـة

انشغلت مواقع التواصل الاجتماعى فى الفترة الأخيرة بأمر عقد مقارنات أحوالنا بأحوال الغير، بدلاً من تقدير ما نمتلك وما نحن عليه والانشغال بما يتم وضعه من خطط علمية لاستثمار كل الإمكانيات المادية والتطبيقية لبناء إنسان المستقبل القادر على المنافسة والاشتباك الإيجابى مع الآخر المتقدم..
معلوم أنه مع كل طلعة شمس يقدم لنا العلم والعالم معطيات جديدة لواقع مذهل يتشكل وينمو، والكثير من تلك المعطيات كفيل بتشكيل ملامح عالم جديد يفرض نفسه علينا، أو على الأقل قادر على تغيير الكثير من مفاهيمنا وتصوراتنا عن أمور كنا نراها ثوابت ونأمل أن نبنى عليها، فإذا ببعضهم يقدم لنا وللعالم البدائل الأفضل أو الأكثر قدرة ومنفعة للتعامل الأسرع أو الأقوى أو الأكثر نجاحاً وأغزر إنتاجاً إيجابياً..
وهنا يبرز السؤال، هل لدينا ثقافة المواجهة الفاعلة والتعامل السلس البناء، أو ما يطلق عليها مقومات «المناعة الثقافية» الكفيلة بالتعامل مع المعطيات الجديدة والقادرة على عمليات الفرز الإيجابية ورفع قدر المناعة الثقافية على المستوى الجمعى؟ 
وفى مواجهة ذلك السؤال عند طرحه على أرض الواقع، ينبغى إدراك أننا أمام مجموعة من التحديات فى مواجهة دنيا وعالم متعدد المفاهيم القيمية والعلمية، وعلينا الانفتاح الموضوعى ورفع شعار «نعم نستطيع»، دون التعرض لتيبس مفاصل الحركة بدعوى الحفاظ على الهوية والتراث والقيم والأصول، فالدول التى تمتلك «المناعة الثقافية والفكرية» قادرة على الفرز الإيجابى والتعامل العلمى الفاعل مع المعطيات الجديدة مهما كانت درجات الصعوبة الناشئة من حالات التباين بين القوى المتنافسة..
دون هوية اجتماعية وثقافية ينسلخ الناس عن بيئاتهم الاجتماعية والثقافية، بل عن أنفسهم تماماً، ودون تحديد واضح للآخر لا يمكنهم تحديد هوياتهم الاجتماعية والثقافية، ويشير «برهان غليون» إلى أنه «لا تستطيع الجماعة أو الفرد إنجاز مشروع مهما كان نوعه أو حجمه، دون أن تعرف نفسها وتحدد مكانها ودورها وشرعية وجودها كجماعة متميزة، فقبل أن تنهض لابد لها أن تكون ذاتاً»..
ولعل المقصود هنا بالهوية أنها جملة الملامح والرؤى المميزة للشىء التى تجعله هو هو، بحيث لا تخطئ فى تمييزه عن غيره من الأشياء، ولكل منا- كإنسان- شخصيته المميزة له، فله نسقه القيمى ومعتقداته وعاداته السلوكية وميوله واتجاهاته وثقافته، وهكذا الشأن بالنسبة للأمم والشعوب..
لا شك فى أن هوية الشىء هى ثوابته التى لا تتجدد ولا تتغير، وتتجلى وتفصح عن ذاتها دون أن تخلى مكانتها لنقيضها طالما بقيت الذات على قيد الحياة، إنها الشفرة التى يمكن للفرد عن طريقها أن يعرف نفسه فى علاقته بالجماعة الاجتماعية التى ينتمى إليها، والتى عن طريقها يتعرف عليه الآخرون باعتباره منتمياً لتلك الجماعة..
وعليه، أرى أن الهوية الثقافية هى فى النهاية أساس التركيبة الحية للشخصية الفردية والجماعية، والعامل الذى يحدد السلوك ونوع القرارات والأفعال الأصيلة للفرد والجماعة، والعنصر المحرك الذى يسمح للأمة بمتابعة التطور والإبداع المتسق مع الهوية..