رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قامات وآهات

كان دائم التساؤل "لماذا ينقسم الناس إلى أغنياء وفقراء"، وقام بدراسة تاريخ نظام امتلاك الأراضي في مصر منذ عصر القدماء المصريين حتى يوضح أن امتلاك الأراضي في وقته بمصر قائم على أساس غير عادل أو مشروع، لافتًا إلى أن هناك خطا جسيم من احتكار الأجانب وقتها للعديد من مصادر الثورة في مصر، في حين أن أغلب المصريين يعيشون في فقر رغم معاناتهم وكدحهم، وقد قامت قوات الأمن وقتها والتي كانت امتداد لسلطة الاحتلال البريطاني بمهاجمة منزله ومصادرة الكتاب.

نشر مصطفي حسنين المنصوري في عام 1919 ترجمة عربية لرسالة تولستوي "ماذا نحن فاعلون إذا" تحت عنوان "مساوئ النظام الاجتماعي وعلاجها"، ونشر أيضا في عام 1920 ترجمة عربية لكتاب هنري جورج "التقدم والفقر"، كما نشر سلسلة من المقالات تحت عنوان "فلسفة الحياة"كما كتب رسالة تحت عنوان “سبعة أيام في الجنة” لم تنشر بعد.

لا يعلم غالبية الذين يعيشون بـ"عزبة المدير" التابعة لمركز الشواشنة، أن سبب تسمية قريتهم بهذا الاسم يرجع لـ" المنصوري"، والذي شغل منصب مدير التعليم بمديرية الفيوم عام 1927، وعاش بها منذ عام 1925حتي وفاته عام 1968، وعمل"المنصوري" مدرسا وتنقل بين المدارس المختلفة إلى أن ترقى إلى مدير للتعليم بمديرية الفيوم في عام 1925 حتى عام 1930، حيث حدث صدام بينه وبين عمر وهبي مدير الفيوم وقتها، والذي أصدر قرارا في 3 إبريل عام 1930 بإيقافه عن العمل وفصله نهائيًا واتهامه بـ13 تهمة من بينها الكفر وعدم الإيمان بالإسلام والرشوة وغيرها من اتهامات، وطالب المنصوري وقتها بالتحقيق معه في هذه التهم التي يرى أنها كيدية وأرسل الطلب لكل من وزارتي المعارف والداخلية إلى أن رسائله كان مصيرها الاهمال.

انقطع المنصوري عن العمل الوظيفي بقرار فصله، وقرر هجر الحياة العامة، واختار الذهاب إلى الشواشنة إحدى قري ريف الفيوم، وظل بها حتى وفاته، وقد واجه المنصوري ظروفا قاسية نتيجة إيمانه بأفكاره، فقرر الابتعاد عن الجميع، وقام باستصلاح وزراعة قطعة من الأرض البور، وقام بتربية الطيور والأرانب، وقام ببناء منزل كبير يأوى الفلاحين الذين كانوا يزرعون الأرض فقد كانت تقع ما بين قرية الشواشنة شرقًا وقرية المشرك قبلي، وفيما بعد أقام الفلاحون بيوتًا بجوار بيته وتوسعت العزبة، وقد ذكر أهالي القرية أن زوجة المنصوري “المدير” كانت تحيك لهم ملابسهم بالمجان.

وظل المنصوري في تلك العزبة وفي دائرة النسيان، إلى أن قامت ثورة 1952، وقام الرئيس جمال عبدالناصر ببعض الإجراءات الاشتراكية، التي اتضح بها صحة اتجاه عبدالناصر عن المنصوري، والذي عاد تدريجيًا إلى الاهتمام بالمسائل العامة وكتابة المقالات.

 وهو من أول المصريين الذين كتبوا عن الاشتراكية، ونشر العديد من المقالات التي تناولت المذهب الاشتراكي.

كما أنه مؤلف كتاب “تاريخ الفيوم”، والذي تناول فيه تاريخ الفيوم ورصد في جزءه الثاني الرحلة الملكية التي قام بها الملك فؤاد إلى الفيوم في عام 1927، ويعد المرجع الوحيد فى هذا المجال,  كما يعد كتاب" تاريخ المذاهب الاشتراكية للمنصوري" والذي نشر في عام 1915 هو الأول في هذا المجال، وقام بطباعة ثلاثة آلاف نسخة منه، لم يباع منها في مصر سوى خمسمائة نسخة فقط والنسخ الباقية من الكتاب تم بيعها في بيروت، وبالرغم من ذلك كان صدى الكتاب مدويًا بين أنصار القديم والحديث وهاجمه بعض رجال الأزهر، حيث دعا الكتاب إلى إصلاح الأحوال في الأزهر، وإدخال علوم حديثة إلى مناهجه الدراسية.

كما نادي المنصوري في كتابه بوضع حدود وقيود على حق الطلاق والزواج بأكثر من واحدة، كما طالب بأن يكون حق الطلاق والزواج في يد القاضي الشرعي فقط.

و مساهمة المنصوري الخاصة في الكتاب هي المتعلقة ببرنامج الإصلاحات الذي اقترحه في الفصل الأخير من كتابه، وكان عبارة عن برنامج يتكون من ستين مطلبا كان من أهمها الدعوة إلى جعل الوزارة مسؤولة أمام الهيئة البرلمانية، كفالة حرية الانتخابات، إيجاد محلفين بالمحاكم الأهلية، تعديل القانون الشرعي بما يتماشى مع الروح العصرية، إلغاء جميع القوانين التي تقيد حرية الاجتماع والخطابة والصحافة.

في عام 1919 ترجم المنصوري ونشر كتاب للأديب الروسي “ليو تولستوي” حول مساوئ النظام الاجتماعي وعلاجها، واختار هذا الكتاب تحديدًا من بين كتب تولستوي لأنه يهاجم الملكية الفردية ويمجد العمل اليدوي، كما أن الكتاب فصل الفكرة الاشتراكية عن العقيدة الدينية، حيث يمكن للفرد أن يكون متدنيًا وفي نفس الوقت اشتراكيًا، لكونه غير مناقض للدين، وأن الأفكار حول ضرورة إلغاء التفاوت الاجتماعي التي تنبع من سوء توزيع الملكية الزراعية بعيدة عن الكفر أو الإلحاد.

وترجم "المنصوري" في عام 1919 كتاب الفيلسوف الاجتماعي الأمريكي هنري جورج الذي حمل عنوان "التقدم والفقر"، وفي مقدمة الكتاب كتب هذا الإهداء "إلى هؤلاء الذين يشعرون بالبؤس والشقاء الناشئين عن سوء توزيع الثروة، ويرون إمكان إيجاد نظام أعدل وأرقى، ويأنسون في أنفسهم استعدادًا للجهاد في سبيل تحقيق ذلك".

وكتاب تاريخ الفيوم للمنصور ى يتكون من جزئين، الجزء الأول يتناول فيه المنصوري تاريخ الفيوم في عهد الفراعنة، وفترة أسرة محمد على ونظام الري بها، وآثارها ومناخها  وحالتها العمرانية والصناعية والزراعية والتجارية، بالإضافة لذكر أهلها، أما الجزء الثاني من الكتاب فيتناول زيارة الملك فؤاد للفيوم والتي استمرت أربعة أيام.

وبعد اشتراكية ناصر عام 19761، بدأ بعض الكتاب في البحث عن جذورالفكر الاشتراكي ومن تناوله في كتاباته، وعن طريق الصدفة عثر الكاتب أمين عز الدين في سور الأزبكية على ترجمة المنصوري لكتاب “التقدم والفقر” وقد دهش عندما علم أن المنصوري له كتابين آخرين هما: “تاريخ المذاهب الاشتراكية، و”مساوئ النظام الاجتماعي وعلاجها”، وظل يبحث عنهما، وناشد القراء عبر عدد مجلة المصور الصادر في 31 ديسمبر 1965 التواصل معه إذا ما كان هناك سبيل للعثور على هذا الكاتب الفذ.

 

[email protected]