رؤى
هل هناك آخر؟، هل خلق الله أكوانًا وكائنات أخرى؟، وهل سنلتقى معهم قبل أن نموت أم سنلتقيهم يوم البعث؟
عندما كانت المراكب الفضائية تقترب من القمر وفيما بعد من المريخ، كنت أشعر بالرعب، كأننى الذى سيفتح باب المركب ويفاجأ بآخر يقف أمامه، لا أعرف لماذا أخاف من هذا اللقاء، عند اقتراب المركب من الكوكب أجلس وأتخيل الآخر، وتنفجر فى رأسى مئات الأسئلة عن هيئته، بشرته، لغته، بنيان جسده، كان يتملكنى الفضول لمعرفة تفاصيل وتاريخ حياتهم، كيف بدؤوا على الكوكب، هل كان لهم أدم وحواء، ما اسمهما، وما الذى عرفوه عنهما، هل خلقوا من طين مثلنا، وهل حذروا من إبليس ومن الجن والعفاريت، هل يؤمنون بالله؟، ما هى صفاته وأوصافه وحكاياته، هل اتصل بأحد منهم، كيف اتصل بهم، عبر ملاك أم فى حوار مباشر، ما الذى طلبه منه، هل انزل كتب، هل يمتلكون كتابًا أو كتبًا تضم كلامه، كيف كانت بداياتهم الحياتية، هل بدأت الحياة عندهم قبل أو بعد أو مع بداية الحياة على الأرض، وهل حكى لهم كيف خلق كوكبهم، وما هى الفترة التى خلق فيها الكوكب، ولماذا وكيف خلقكم، هل له عرش، أين، هل وصفه لكم، هل يمتلك جنة ونارًا وخطًا، هل وصف نفسه بالرحيم والغفور والعالم والقوى والرؤوف، هل حكى لكم عمن عاصوه وكفروا به، هل أمركم بصيام وصلاة وزكاة، كيف تؤدون الصلاة، هل تعيشون على الطعام والماء، ما هو متوسط أعماركم، وهل كتب عليكم الموت مثلنا، هل بنى له بيت، وهل أمركم ببناء بيوت له، ما هى مسميات بيوته، كيف يكون الصيام، هل خلقكم داخل الزمن، ما هى أول ديانة وآخر ديانة؟، هل يسبق الصلاة اغتسال ووضوء، ما الذى تعرفونه عن الموت وعن الحياة بعد الموت، ما هو نظام الحكم عندكم؟، هل هو عسكرى أم ملكى عسكرى أم جمهورى عسكرى أم ديمقراطى ليبرالى أم دينى أم اشتراكى.
بعض الديانات الأرضية والفلسفات تحدثت عن فكرة التناسخ، تصورت للحظات أن بعضنا من الممكن أن نقابله هناك، وربما مع المواجهة والحوار يتذكرون، بعض الفلاسفة أشاروا إلى أن أصل المعرفة فى التناسخ هو التذكر، وسقراط وأفلاطون من بعده قالا بأن أصل المعرفة فى السماء، وأن النفس خالدة، ومن ثقلت نفسه بالخطايا سوف ينزل فى جسد آخر، هل أنتم الآخر؟
جميع المراكب الفضائية التى وصلت القمر والمريخ فتح روادها أبواب المراكب ولم يجدوا آخر ينتظرهم، صحراء ورمالًا وفراغًا، طافوا بالمركب وبعربات، عتمة وصخور وخلاء، ربما آخر فى كوكب آخر.